٢٧٤٠ - وعن أي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تفي المدينة شرارها كما ينفي الكير حبث الحديد)). رواه مسلم.
٢٧٤١ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علي أنقاب المدينة ملائكةٌ، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال)) متفق عليه.
ــ
تكون بيعته بعد فتح مكة وسقوط الهجرة، وإنما بايع للإسلام، والصحيح الأول. وقالوا: إنما لم تقبل بيعته؛ لأنه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إلي النبي صلى الله عليه وسلم للمقام عنده أن يترك الإقامة معه ويذهب إلي وطنه. وقوله:((تنصع)) بفتح التاء والصاد المهملة، أي تصفو وتخلص وتميز، والناصع الصافي الخالص، ولفظ جامع الأصول ((تصنع)) بالصاد المهملة والنون، وقال: هكذا هو الرواية.
قوله:((كالكير)) ((تو)): كير الحداد هو المبني من الطين، وقيل: الكير الزق، والكور ما بني من الطين، وأصل الكلمة من الكور الزيادة، وضموا الكاف علي الأصل في أحدهما، وكسروها في الآخر؛ للفرق بين البنائين. و ((خبثها)) - مفتوحة الخاء والباء - ما تبرزه النار من الجواهر المعدنية فيخلصها بما يميزه عنها من ذلك، وتروى مضمومة الخاء ساكنة الباء، أي الشيء الخبيث، والأول أشبه لمناسبته الكير، وأنت ضمير الخبث؛ لأنه نزل المدينة بمنزلة الكير، فأعاد الضمير إليها، ويروى ((طيبها)) - بكسر الطاء وضم الباء - ويروى بفتح الطاء وكسر الياء المشددة، وهي الرواية الصحيحة، وهو أقوم معنى؛ لأنه ذكر في مقابلة الخبيث، وأية مناسبة بين الكير والطيب! شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وما يصيب ساكنها من الجهد والبلاء بالكير، وما يوقد عليه في النار، فيميز به الخبيث من الطيب فيذهب الخبيث ويبقى الطيب فيه أزكى ما كان وأخلص، وكذلك المدينة تنفي شرارها بالحمى والوصب والجوع، وتطهر خيارهم وتزكيهم.
الحديث الثالث عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((حتى تنفي المدينة شرارها)) يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعثته من أشراط الساعة وعلاماتها، وثإنيهما: أن يكون في آخر الزمان وخروج الدجال، وذلك أنه يقصد المدينة فترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق. ((مح)): يحتمل أن يكون مختصًا بزمن الدجال، وأن يكون في أزمنة متفرقة.
الحديث الرابع عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((علي أنقاب المدينة)) ((نه)): هي جمع قلة للنقب، وهو الطريق بين الجبلين. قوله:((لا يدخلها)) جملة مستأنفة بيان لموجب استقرار الملائكة علي الأنقاب، واستقرارهم عليها إما علي التمثيل، يعني أن الله تعالي منعها أن يصيب أهلها، أو الحقيقة فيكون منع الطاعون عن دخول الأنقاب علي سبيل التغليب.