للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا كان زاده إلي النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ؛ ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث)). رواه أحمد، وكذا في ((شرح السنة)) [٢٧٧١].

٢٧٧٢ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت. وكل لحم نبت من السحت كانت النار أولي به)). رواه أحمد، والدارمي، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) [٢٧٧٢].

ــ

لا، والثاني إما أن ينفق علي نفسه وعياله أو لا، والثاني هو ما أدخره لدنياه وأخذه كنزًا لنفسه، فبين أن الحرام لا يجديه ولا ينفعه فيما قصده. وإنما عدل في القرينة الأخيرة علي ما هو عليه القرينتان؛ ليلوح إلي معنى قوله تعالي: ((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله- إلي قوله- يوم يحمى عليها في نار جهنم)) وأخرجه مخرج الحصر لا التعليل؛ ليقرره علي سبيل التأكيد، وهو أقوى من التعليل؛ لأن من تصدق من الحرام يمدحه الناس، وإن لم يكن مقبولاً عند الله، وكذا من أنفق فينفعه ظاهرًا، وإن لم يبارك في العاقبة، لكن من مات وترك الحرام لم يكن له إلا النار، وهذا معنى قوله: ((إلا كان زاده إلي النار)) أي كان ذلك الكسب الحرام زوادته منتهية إلي النار)). وقوله: ((إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ)) جملة مستأنفة لتعليل عدم القبول، وهو مقدمة وتوطئة لقوله: ((إن الخبيث لا يمحو الخبيث)) أي المال الحرام لا يجدي ألبتة، عبر عن عدم النفع بالخبيث.

الحديث الثالث عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((من السحت)) ((نه)) ((السحت)) الحرام الذي لا يحل كسبه؛ لأنه يسحت البركة أي يذهبها، والسحت الرشوة في الحكم. أقول: أسند عدم دخول الجنة إلي اللحم لا إلي صاحبه، إشعارًا بالعلية، وأنه خبيث لا يصلح أن يدخل الطيب؛ ولذلك أتبعه بقوله: ((النار أولي به)) لأن الخبيث للخبيث. وفيه أن من تاب في الدنيا، وبدل الخبيث بالطيب يدخل الجنة، هذا علي ظاهر الاستحقاق، أما إذا تاب الله عليه أو غفر له من غير توبة، وأرضي خصمه أو نالته شفاعة شفيع، فهو خارج من هذا الوعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>