٢٨١٩ - وعن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، ولا البر بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح إلا سواءً بسواءٍ، عيناً بعينٍ، يداً بيدٍ؛ ولكن بيعوا الذهب بالورق، والورق بالذهب، والبر بالشعير، والشعير بالبر، والتمر بالملح،،والملح بالتمر، يداً بيدٍ، كيف شئتم)). رواه الشافعي. [٢٨١٩]
٢٨٢٠ - وعن سعد بن أبي وقاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن شراء التمر بالرطب. فقال:((أينقص الرطب إذا يبس؟)) فقال: نعم، فنهاه عن ذلك.
رواه مالك، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة. [٢٨٢٠]
ــ
الحديث الثاني عن عبادة رضي الله عنه: قوله: ((لكن بيعوا)) ((لكن)) حقه أن يقع بين كلامين متغايرين نفيا وإثباتا، أي لا تبيعوا النقدين ولا المطعومات إذا كانا متفقين، ولكن بيعوهما إذا اختلفا، والاستثناء في قوله:((إلا سواء بسواء)) كالاستطراد لبيان الترخيص، وقوله:((يداً بيد)) تأكيد لقوله: ((عينا بعين)) من حيث المعنى، كما كان ((سواء بسواء))، تأكيداً لـ ((مثلا بمثل)) في الحديث السابق.
الحديث الثالث عن سعد رضي الله عنه: قوله: ((أينقص الرطب؟)) ((قض)): ليس المراد من الاستفهام استعلام القضية؛ فإنها جلية مستغنية عن الاستكشاف، بل التنبيه علي أن الشرط تحقق المماثلة حال اليبوسة، فلا يكفي تماثل الرطب والتمر علي رطوبته، ولا علي فرض اليبوسة؛ لأنه تخمين وخرص لا تعيين فيه، فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر، وبه قال كثر أهل العلم، وجوز أبو حنيفة بيع الرطب بالتمر إذا تساويا كيلا، وحمل الحديث علي البيع نسيئة؛ لما روي عن هذا الراوي أنه صلى الله عليه وسلم نهي عن بيع الرطب بالتمر نسيئة، هكذا ذكره بعض الشارحين. وضعفه بين؛ لأن النهي عن بيعه نسيئة، لا يستدعي الإذن في بيعه يداً بيد إلا من طريق المفهوم، وهو عنده غير منظور إليه، فضلاً من أن يسلط علي المنطوق ليبطل إطلاقه، ثم إن هذا التقييد يفسد السؤال والجواب وترتيب النهي ويلغيها بالكلية، فإن بيع الرطب بالتمر نسيئة غير صحيح؟ لأنه جرى نسيئة لا لأن الرطب ينقص بالجفاف ولا ينقص. والضمير المستكن في ((فقال)) والبارز في ((نهاه)) للسائل المدلول عليه بقوله: ((سألت)).
((حس)): هذا الحديث أصل في أنه لا يجوز بيع شيء من المطعوم بجنسه، وأحدهما رطب والآخر يابس، مثل بيع الرطب بالتمر، وبيع العنب بالزبيب، واللحم الرطب بالقديد، وهو قول أكثر أهل العلم، وإليه ذهب مالك والشافعي رضي الله عنهما.