وفي رواية لمسلم: نهي عن بيع النخل حتى تزهو. وعن السنبل حتى يبيض. ويأمن العاهة.
٢٨٤٠ - وعن أنسٍ، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تزهي.
قيل: وما تزهي؟ قال:((حتى تحمر))، وقال:((أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟)). متفق عليه.
ــ
العمل علي هذا عند أهل العلم أن بيع الثمرة علي الشجرة قبل بدو الصلاح مطلقاً لا يجوز، يروى عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وعائشة، وهو قول الشافعي رضي الله عنهم؛ لأنه لا يؤمن من هلاك الثمار بورود العاهة عليها؛ لصغرها وضعفها، وإذا تلفت لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفع من الثمن شيء، وهذا معنى قوله:((نهي عن بيع النخل حتى تزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة)) ومعنى قوله: ((حتى يحمر ويصفر)). وإنما نهي المشتري من أجل هذه المخاطرة المذكورة والتغرير بماله، ونهي البائع لئلا يكون أخذ مال المشتري لا بمقابلة شىء، سلم له، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:((أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم؟)) أي أخبرني إذا منع الله الثمرة وفي الحديث ((حتى يحمر وحتى يسود)) وفي رواية ابن عمر ((حتى يبيض)) دليل علي أن الاعتبار بحدوث هذه الصفة في الثمرة، لا بإتيان الوقت الذي يكون فيه بدو الصلاح في الثمار غالباً. وذهب بعض أهل العلم إلي أن الاعتبار بالزمان، فإذا جاء ذلك الوقت جاز بيعه.
قوله:((حتى تزهو)) ((مح)): قال ابن الأعرابي: يقال: زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهي يزهي إذا احمر أو اصفر. وقال الأصمعي: لا يقال في النخل: أزهي، وإنما يقال: زها، وحكاهما أبوزيد لغتين. وذلك علامة الصلاح فيها ودليل خلاصها من الآفة. قوله:((قيل: وما تزهي)) يجوز أن يكون ((تزهي)) حكاية قول الرسول صلى الله عليه وسلم، أي ما معنى قولك: تزهي؟ أو وضع الفعل موضع المصدر، أي قيل: ما الزهو؟ نحوه قول الشاعر:
وقالوا: ما تشاء؟ فقلت: ألهو ... إلا الإصباح آثر ذي أثير
أي قلت: أريد اللهو، وفي المثل: تسمع بالمعيدي خيراً من أن تراه، أي سماعك خير من رؤيته. وقوله:((بم يأخذ))؟ مثل قولهم: فيم وعلام وختام في حذف الألف عند دخول حرف الجر علي ((ما)) الاستفهامية، ولما كانت ((ما)) الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام، ينبغي أن يقدر أبم تأخذ؟ والهمزة للإنكار، فالمعنى: لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه عفواً.