٢٨٥٦ - وعنه، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم مية عن عسب الفحل. رواه البخاري.
٢٨٥٧ - وعن جابرٍ: قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء والأرض لتحرث. رواه مسلم.
٢٨٥٨ - وعنه، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء. رواه مسلم.
ــ
فسره بالتفسير الأول وهو أعرف، ومذهب الشافعي ومحققي الأصوليين أن تفسير الراوي مقدم إذا لم يخالفه الظاهر.
اقول: فإن قلت: تفسيره مخالف لظاهر الحديث، فكيف يقال إذا لم يخالف الظاهر؟ قلت: لعل المراد بالظاهر الواقع، فإن هذا البيع في الجاهلية كان لضرب الأجل وتعيينه، وابن عمر كان أعرف بهذا من غيره، كأنه قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا البيع المخصوص، ثم فسره بما فسره، وليس التفسير حل اللفظ بل بيان للواقع.
الحديت الثالث والعشرون عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((عن عسب الفحل)) ((نه)): عسب الفحل ماؤه، فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وعسبه أيضًا ضرابه، يقال: عسب الفحل الناقة يعسبها عسبًا، ولم ينه عن واحد منهما، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه؛ فإن إعارة الفحل مندوب إليها، وقد جاء في الحديث ((ومن حقها إطراق فحلها)) ووجه الحديث أنه نهي عن كراء عسب الفحل، فحذف المضاف. وقيل: يقال لكراء الفحل: عسب، وعسب فحله يعسبه، أي أكراه، وعسبت الرجل إذا أعطيته كراء ضراب فحله، فلا يحتاج إلي حذف مضاف، وإنما نهي عنه للجهالة التي فيه، ولابد في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره.
((حس)): فيه أنه لا يجوز استئجار الفحل للإنزاء؛ لما فيه من الغرر؛ لأن الفحل قد يضرب وقد لا يضرب، وقد تلقح الأنثى وقد لا تلقح، وذهب إلي تحريمه أكثر الصحابة والفقهاء، ورخص فيه جماعة لكراهة انقطاع النسل، وشبهوه بالاستئجار للإرضاع وتأبير النخل، وما نهت السنة عنه فلا يجوز المصير إليه بطريق القياس، وأما إعارة الفحل للإنزاء فلا بأس به، تم لو أكرمه المستعير بشيء، يجوز له قبول كرامته.
أقول: قد سبق عن الشيخ محي الدين جواز الغرر فيما تمس الحاجة إليه، ولما كان بقاء النسل مطلوبا بالذات رخص في العسب.
الحديث الرابع والخامس والسادس والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ضراب الجمل)) ((قض)): ضرب الفحل الناقة ضرابا نزا عليها، وبيع ضرابه أن يأخذ به مالا ويقرر عليه. قوله:((وعن بيع الماء والأرض لتحرث)) هو محمول علي المخابرة كما مر، قوله:((لا يباع فضل الماء)) ((قض)): اختلفت الروايات في هذا الحديث، فروى البخاري رحمه الله