ما كان من شرط ليس في كتاب الله؛ فهو باطل، وإن كان مائة شرط. فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق)). متفق عليه.
٢٨٧٨ - وعن ابن عمر، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته. متفق عليه.
ــ
الاشتراط، ولو كان كما قال القائل لم ينكره، وقد يجاب عنه أنه صلى الله عليه وسلم إنما أنكر ما أرادوا اشتراطه في أول الأمر، والأصح في تأويله ما قاله أصحابنا في كتب الفقه: إن هذا الشرط خاص في قضية عائشة رضي الله عنها، واحتمل هذا الإذن وإبطاله هذه القضية الخاصة، وهي قضية عين لا عموم لها، قالوا: والحكمة في إذنه ثم إبطاله المبالغة في قطع عادتهم في ذلك وزجرهم علي مثله، كما أذن لهم صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالحج، ثم أمرهم بفسخه وجعله عمرة؛ ليكون أبلغ في زجرهم وقطعهم عما اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج، وقد يحتمل المفسدة اليسيرة لتحصيل مصلحة عظيمة.
قال العلماء: الشرط في البيع ونحوه أقسام: منها: شرط يقتضيه إطلاق العقد بأن شرط تسليمه إلي المشتري، أو تبقية الثمرة علي الشجرة إلي أوان الجذاذ. ومنها: شرط فيه مصلحة وتدعو إليه الحاجة، كاشتراط الرهن والتضمين والخيار ونحو ذلك، فهذان الشرطان جائزان، ولا يؤثران في صحة العقد بلا خلاف. ومنها: اشتراط العتق في العبد أو الأمة ترغيباً في العتق لقوته وسرايته- انتهي كلامه.
قوله:((فأبوا إلا أن يكون)) الاستثناء مفرغ؛ لأن في ((أبي)) معنى النفي، الكشاف في قوله تعالي:{ويأبي الله إلا أن يتم نوره}: قد أجرى ((أبي)) مجرى لم يرد، ألا ترى كيف قوبل {يريدون أن يطفئوا نور الله} بقوله: {ويأبي الله} وأوقعه موقع لم يرد! وقوله: ((ما كان من شرط)) ((ما)) شرطية و ((من)) زائدة؛ لأن الكلام غير موجب، ومعنى ((وإن كان مائة شرط)) هو أنه لو شرطه مائة مرة وهو من الشرط الذي يتبع به الكلام السابق بلا جزاء مبالغة وتقريرا. وقوله:((فقضاء الله)) الفاء فيه جواب شرط محذوف، ولفظ القضاء يؤذن بأن المراد من ((كتاب الله)) في قوله: ((ليست في كتاب الله)) قضاؤه وحكمه.
الحديث الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((عن بيع الولاء)) ((مح)): بيع الولاء وهبته لا يصحان، وأنه لا ينتقل الولاء عن مستحقه؛ فإن لحمه كلحمة النسب، وعليه جمهور العلماء من السلف والخلف، وأجاز بعض السلف نقله، ولعلهم لم يبلغهم الحديث.