٢٩٠٦ - وعن أبي هريرة، أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهم أصحابه، فقال:((دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا، واشتروا له بعيرا، فأعطوه إياه)) قالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه. قال:((اشتروه فأعطوه إياه؛ فإن خيركم أحسنكم قضاء)). متفق عليه.
٢٩٠٧ - وعنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((مطل الغني ظلم، فإذا أتبع أحدكم علي مليء فليتبع)). متفق عليه.
ــ
وفي الحديث أن رد الأجود في القرض، أو الدين من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض جر منفعة؛ لأن المنهي عنه ما كان مشروطا في عقد القرض، كذا في شرح مسلم وزاد في الروضة: لا فرق في الرد بين الربوي وغيره، ولا بين الرجل المشهور برد الزيادة أو غيره علي الصحيح، وقال في التتمة: لو قصد إقراض المشهور بالزيادة للزيادة، ففي كراهته وجهان، وقال في الشرح: يجوز للمقرض أخذ الزيادة، سواء زاد في الصفة أو العدد. ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها، وحجة أصحابنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم:((فإن خير الناس أحسنهم قضاء)).
وفي الحديث إشكال، وهو أن يقال: كيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم مع أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرعه منها؟ والجواب عنه أنه صلى الله عليه وسلم اقترض لنفسه، ثم اشترى في القضاء من إبل الصدقة بعيرا وأداه، ويدل عليه حديث أبي هريرة:((اشتروا له بعيرا فأعطوه إياه)). وقيل: إن المقترض كان بعض المحتاجين، اقترض لنفسه فأعطاه من الصدقة حين جاءت، وأمره بالقضاء.
الحديث الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أغلظ له)) قال في المغرب: أي عنف به. قوله:((فإن لصاحب الحق مقالا)) ((مح)) فيه أنه يحتمل من صاحب الدين الكلام في المطالبة، والإغلاظ المذكور محمول علي تشدد في المطالبة، ويجوز ذلك من غير كلام فيه قدح، أو غيره مما يقتضي الكفر، ويحتمل أن القائل كان كافرا من اليهود أو غيرهم.
الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قول: ((مطل الغنى ظلم)) ((مح)): المطل منع قضاء ما استحق أداؤه، وهو حرام من المتمكن، ولو كان غنيا لكنه ليس متمكنا جاز له التأخير إلي الإمكان، وقد اختلفوا في أن الماطل المتمكن هل يفسق وترد شهادته بمرة واحدة أم لا؟، حتى يتكرر ذلك منه ويصير عادته، ومقتضى مذهبنا اشتراط التكرر و ((أتبع)) و ((فليتبع)) بإسكان التاء فيهما هذا هو المشهور.
ونقل عن بعض المحدثين التشديد في الثانية، ومعناه إذا أحيل بالدين له علي موسر