٢٩٦٥ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اختلفتم في الطريق جعل عرضه سبعة أذرع)) رواه مسلم.
الفصل الثاني
٢٩٦٦ - عن سعيد بن حريث، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من باع منكم داراً أو عقاراً، قمن أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله)) رواه ابن ماجه، والدارمي. [٢٩٦٦]
ــ
الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((سبعة أذرع)) ((مح)): في أكثر النسخ سبع أذرع، والروايتان صحيحتان؛ لأن الذراع يذكر ويؤنث. وأما قدر الطريق فإن جعل الرجل بعض أرضه المملوكة طريقاً مسبلة للمارين، فقدرها إلي خيرته والأفضل توسيعها، وليست هذه الصورة مرادة بالحديث، فإن كان الطريق بين أرض لقوم أرادوا عمارتها، فإن اتفقوا علي شيء فذاك، وإن اختلفوا في قدره جعل سبعة أذرع هذا مراد الحديث. أما إذا وجدنا طريقاً مسلوكاً وهو أكثر من سبعة أذرع فلا يجوز لأحد أن يتسلي علي شيء منه، لكن له عمارة ما حواليه من الموات، وتملكه بالإحياء بحيث لا يضر المارين.
((حس)): هذا علي معنى الإرفاق، فإن كانت السكة غير نافذة فهي مملوكة لأهلها، فلا يبنى فيها ولا تضيق ولا يفتح إليها باب إلا بإذن جماعتهم. وإن كانت نافذة فحق الممر فيها لعامة المسلمين. ويشبه أن يكون معناه إذا بني أو قعد للبيع في النافذ بحيث يبقى للمارة من عرض الطريق فلا يمنع، لأن هذا القدر يزيل ضرر المارة. وكذا في أرضي القرى التي تنزع إذا خرجوا من حدود أراضيهم إلي ساحتها، لم يمنعوا إذا تركوا للمارة سبعة أذرع. أما الطريق إلي البيوت التي يقسمونها في دار يكون منها مدخلهم، فيتقدر بمقدار لا يضيق عن مآربهم، التي لا بد لهم منها كممر السقاء والحمال ومسلك الجنازة ونحوها.
أقول: معنى ظاهر الشرط أن يقال: إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوا، فعدل إلي قوله:((جعل)) دلالة علي التنبيه والإخبار، أي إذا اختلفتم في الطريق فاعلموا أن حكمه عند الشارع كذا فأذعنوا له. وذلك أن الجزاء مسبب علي الشرط. وهاهنا الجعل والقضاء مقدم علي الاختلاف، فوجب التأويل بالإخبار. وإلي هذا أشار الشيخ محيي الدين بقوله: وإن اختلفوا في قدره جعل سبعة أذرع، هذا مراد الحديث.
الفصل الثاني:
الحديث الأول عن سعيد: قوله: ((قمن أن لا يبارك)) ((مظ)): ((قمن)) أي حقيق، يعني بيع الأراضي والدور وصرف ثمنها إلي المنقولات غير مستحب؛ لأنها كثيرة المنافع قلية الآفة