للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني؟)) قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى وقال: هذه لهذه، وهذه لهذه، ولا أبالي)) ولا أدري في أي القبضتين أنا. رواه أحمد [١٢٠].

١٢١ - وعن ابن عباس، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أخذ الله ميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني عرفة – فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه

ــ

الحديث الثامن عن أبي نضرة رضي الله عنه: قوله: ((ألم يقل لك)) دخلت همزة الاستفهام على حرف النفي فأفادت التقرير والتعجب، أي كيف تبكي وقد تقرر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد بأنك تلقاه لا محالة؟ وأجاب بأني أخاف من عد الاحتفال والاكتراث في قوله: ((ولا أبالي)). و ((خذ من شاربك)) أي قصه، ((ثم أقر)) على هذا ودم عليه ((حتى تلقاني)) في الحوض أو غيره، وفيه إشارة إلى أن قص الشارب من السنن، والمداومة عليه موصلة إلى هذه المرتبة السنية، وهو القرب إلى دار النعيم في جواز نبي الله وأن من ترك سنة أي سنة حرم خيراً كثيراً، فكيف المواظبة على ترك سائرها؟ فإن ذلك يؤدي إلى الزندقة.

الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنه: قوله: ((بنعمان)) الجوهري: بالفتح، واد في طريق الطائف يخرج إلى العرفات. قوله: ((ذرأها)) ((غب)): الذرأ إظهار الله تعالى ما أبدأ، يقال: ذرأ الله الخلق أي أوجد أشخاصهم، قال الله تعالى: {ولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الجِنِّ والإنسِ} والمعنى أخرج كل ذرية خلقها إلى يوم القيامة.

وقال الجوهري: رأيته قبلا وقبلا بالضم مقابلة وعياناً، وقبلا بكسر القاف كذلك، وهو حال. ((نه)): إن الله تعالى كلمهم قبلا أي عياناً ومقابلة لا من وراء حجاب، من غير أن يولى أمره أو كلامه أحداً من ملائكته. و ((شهدنا)) تقرير لقوله: {وأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} أي أنت ربنا شهدنا على أنفسنا، وأقررنا بوحدانيتك، وقوله: ((أن تقولوا)) مفعول له، أي فعلنا ذلك كراهة أن يقولوا يوم القيامة: {إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} لم ننتبه إليه، أو كراهة أن يقولوا: ((إنما أشرك آباؤها من قبل)).

((تو)): هذا الحديث مخرج في كتاب أبي عبد الرحمن النسائي، ولا يحتمل من التأويل ما يحتمل حديث عمر رضي الله عنه لظهور المراد منه، ولا أراهم يقابلون هذه الحجة، إلا بقولهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>