٣٠٨٥ - وعن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنة أضر علي الرجال من النساء)) متفق عليه.
٣٠٨٦ - وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) رواه مسلم.
ــ
الضمير علي تأويل أحنى هذا الصنف، أو من يركب الإبل، أو يتزوج، أو نحوها. ((وأرعاه علي زوج في ذات يده)) أي أحفظ من يتزوجن علي زوجها فيما في يده، أي أمواله التي في يدها، وذكر الضمير إجراء علي لفظ ((أرعاه))، أو في الأموال التي في ملك يد الزوج وتصرفه. ((شف)): تنكير لفظ الولد إشارة إلي أنها تحنو علي أي ولد كان، وإن كان ولد زوجها من غيرها أكثر مما يحنو عليه غيرها. أقول: وفي وصفه الولد بالصغر إشعار بأن حنوها معلل بالصغر، وأن الصغر هو الباعث علي الشفقة، فأينما وجد هذا الوصف وجد حنوهن. ((مح)): فيه فضيلة نساء قريش لشفقتهن وحسن تربيتهن والقيام علي الأولاد إذا كانوا أيتاما، فلا تتزوج بعد يتمهم، فإن تزوجت فليست بحإنية انتهي كلامه.
فإن قلت: أي فرق بين قوله: ((أحناه وأحناهن؟)) قلت: الأول دل علي الجنسية، وهو من يعرف كل أحد أن العرب منهم، فالقصد الأولي فيه المعنى والذات تابعة له، كأنه قيل: خير هذا الجنس الذي فاق الناس في الشرف هذا الجيل، ولذلك عدل من ذكر العرب إلي الصفة المميزة من قوله:((ركبن الإبل)) لزيادة الاختصاص. ولو قيل: أحناهن، كانت الذات مقصودة والمعنى تابعاً لها فلم يكن بذلك. وفي اختصاص العرب من بين سائر الناس واختصاص قريش منها دلالة علي أن العرب أشرف الناس وقريش أشرفها.
الحديث السادس عن أسامة: قوله: ((فتنة أضر)) وذلك أن المرأة إذا لم تكن يمنعها الصلاح الذي من جبلتها، كانت عين المفسدة، فلا تأمر زوجها إلا بشر ولا تحثه إلا علي فساد، وأقل ذلك أن ترغبه في الدنيا كي يتهالك فيها، وأي فساد أضر من هذا! وقد سبق أنه تعالي قدمها في آية ذكر الشهوات علي سائر الأنواع وجعلها نفس الشهوات، حيث بين الشهوات بقوله:{مِّنَ النِّسَاءِ} ثم عقبها بغيرها دلالة علي أنها أصلها ورأسها.
الحديث السابع عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((حلوة خضرة)) ((مظ)): أي طيبة مزينة في عيونكم وقلوبكم، والاستخلاف إقامة الغير مقام نفسه، أي جعل الله الدنيا مزينة لكم ابتلاء واختباراً، فينظر هل تتصرفون فيها كما يحب ويرضي أو تسخطونه وتتصرفون فيها بغير ما يحب ويرضي؟ وقوله:((فاتقوا الدنيا)) أي احذروا من الاغترار بما في الدنيا؛ فإنه في وشك الزوال، واحذروا أن تميلوا إلي النساء بالحرام أو تقبلوا قولهن؛ فإنهم ناقصات عقل، لا خير في