٣١١٧ - وعن بهز بن حكيم، عن أبيه. عن جده. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)) فقلت: يا رسول الله! أفرأيت إن كان الرجل خاليا؟ قال:((فالله أحق أن يستحي منه)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [٣١١٧].
ــ
إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْمَاعِيلُ} أوقع الفصل ليدل علي أن إسماعيل كان تابعا له في الرفع، ولو عطف من غير فصل أوهم الشركة.
((قض)): الحديث بظاهره يدل علي أنه ليس للمرأة النظر إلي الأجانب مطلقا كما ليس لهم أن ينظروا إليها. ومنهم من خصص التحريم بحال خاف فيه الفتنة؛ توفيقا بينه وبين ما روي عن عائشة رضي الله عنها في حديثها المشهور أنها قالت:((كنت أنظر إلي الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد)). ومن أطلق التحريم أول ذلك بأنها ما كانت يومئذ بالغة، وفيه نظر؛ لأنها وإن تكن بالغة كانت مراهقة وكان من حقها أن تمنع. ((مظ)): عمل بعض الفقهاء بهذا الحديث، وبعضهم عما بحديث عائشة، وحمل هذا علي التقوى والورع، والفتوى علي أنه يجوز للمرأة النظر إلي الرجل الأجنبي فيما فوق السرة وتحت الركبة، بدليل أنهن كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ولابد أن يقع نظرهن إلي الرجال، فلو لم يجز لم يؤمرن بحضور المسجد والمصلي؛ ولأنه أمرت النساء بالحجاب عن الرجال ولم يؤمر الرجال بالحجاب، وهذا إذا لم بكن النظر عن الشهوة، فأما نظرها بالشهوة إلي الرجل فحرام.
قوله:((أفعمياوان)) هذا من بليغ الكلام ووجيزة؛ فإن الهمزة الأولي للإنكار والتوبيخ والثانية للتقرير، والفاء عطفت ما بعدها من الجملة الاسمية علي المقدرة قبلها بعد الهمزة، يعني زعمتما أن علة منع الاحتجاب العمى وهي موجودة فيه، أهي موجودة فيكما؟ أفعمياوان أنتما؟ ثم استأنف مقررا بذلك قائلا:((ألستما تبصرانه))؟ وفيه أن علة الاحتجاب الفتنة وهي قائمة، سواء كان من الطرفين أو من أحدهما. روى الشيخ أبو حامد عن سعيد بن المسيب أنه قال وهو ابن أربع وثمإنين سنة، وقد ذهبت إحدى عينيه ويعشو بالأخرى: - ما شيء عندي أخوف من النساء. وفيه أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان كما جرت العادة به في المآتم والولائم، فيحرم علي الأعمى الخلوة بالنساء ويحرم علي المرأة مجالسة الأعمى وتحديق النظر إليه لغير حاجة.
الحديث الثاني عشر عن بهز بن حكيم: قوله: ((أحفظ عورتك)) عدل عن قوله: استر إلي ((أحفظ))؛ ليدل سيق الكلام علي الأمر بستر العورة استحياء ممن ينبغي أن يستحي منه من الله تعالي ومن خلقه، ويشير به إلي معنى قوله تعالي: {والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلَاّ عَلي أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} لأن عدم الستر يؤدي إلي الوقاحة وهي إلي الزنى.