٣١٦٧ - وعن عائشة، قالت: كان فيما أنزل من القرآن: ((عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن. رواه مسلم.
ــ
في التحريم، ومنهم ابن عمر وابن عباس وابن المسيب وعروة بن الزبير، والزهري والثوري ومالك والأوزاعي وابن المبارك ووكيع وأصحاب أبي حنيفة؛ لعموم قوله تعالي:{وأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}. وفرق غيرهم بين القليل والكثير بهذا الحديث وأمثاله، فقالت عائشة وغيرها من أزواج الني صلى الله عليه وسلم وابن الزبير: لا يثبت التحريم بأقل من خمس رضعات، وإليه ذهب الشافعي وإسحاق؛ لما روى عن عائشة أنها قالت: كان فيماأنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات تحرمن، ثم نسخت بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن. وذهب أبو عبيدة وأبو ثور وداود إلي أنه لا يحرم أقل من ثلاث رضعات، لمفهوم قوله:((لا تحرم الرضعة والرضعتان)) ومفهوم العدد ضعيف. وللفارق أن تجيب عن الآية بأن الحرمة فيها مرتبة علي الأمومة والأخوة من جهة الرضاع، وليس فيهما ما يدل علي أنهما يحصلان بالرضعة الواحدة. وقول عائشة رضي الله عنها:((توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن)) موؤل بأنه كان يقرؤه من لم يبلغه النسخ، حتى بلغه فترك؛ لأن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، وهذا من جملة ما نسخ لفظه ومعناه باق.
الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنهما: قوله: ((وهي فيما يقرأ من القرآن)) ((تو)): يحمل هذا علي أن بعض من ام يبلغه النسخ كان يقرؤه علي الرسم الأول؛ إن تلاوتها قد كانت باقية فتركوها، فإن الله تعالي رفع قدر هذا الكتاب المبارك عن الاختلال والنقصان، وتولي حفظه، وضمن بصيانته. فقال عز من قائل:{إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فلا يجوز علي كتاب الله أن يضيع منه آية، ولا أن يخرم حرف كان يتلي في زمان الرسالة، إلا ما نسخ منه. ((شف)): المفهوم من كلام الشيخ في شرح السنة أن الضمير في قول عائشة رضي الله عنها: ((وهي فيما يقرأ من القرآن)) عائد إلي ((عشر رضعات)) وحينئذ احتاج الشيخ في هذا الحديث إلي ما ذكره. ويقوم هذا الحديث دليلا لمن قال: إن التحريم لا يحصل بأقل من عشر رضعات، ولو جعل الضمير المذكور عائد إلي ((خمس معلومات)) مع قربه، لقام دليلا للشافعي، واستغنى عن جميع ما ذكره، ويكون المعنى حينئذ أن العشر نسخن بخمس معلومات، واستقر النسخ وتقرر في زمان انبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو المراد من قولها:((فتوفي رسول الله، وهي فيما يقرأ من القرآن)). أي توفي النبي صلى الله عليه وسلم بعد نسخ العشر بالخمس، وفي حالة استقرار الخمس وكونه مقروء في القرآن.