٣١٨٨ - وعن سعد بن أبي وقاص: أن رجلا جاء إلي رسول الله، فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لم تفعل ذلك؟)) فقال الرجل: أشفق علي ولدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم)). رواه مسلم.
٣١٨٩ - وعن جذامة بنت وهب، قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: ((لقد هممت أن أنهي عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئا)). ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ذلك الوأد الخفي وهي {وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ})). رواه مسلم.
ــ
من صب لا يحدث منه الولد، ومن عزل محدث له. فقدم خبر ((كان))؛ ليدل علي الاختصاص، وأن تكوين الولد بمشيئة الله تعالي لا بالماء، وكذا عدمه بها لا بالعزل.
الحديث السادس عن سعد: قوله: ((أشفق علي ولدها)) ((نه)): الشفق والإشفاق الخوف، أي لو كان الغيل ضارا لضر بهذين الجيلين.
الحديث السابع عن جذامة: قوله: ((عن الغيلة)) ((نه)): الغيلة – بالكسر – الاسم من الغيل بالفتح، وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع، وقيل: يقال فيه: الغيلة والغيلة بمعنى، وقيل: الكسر للاسم والفتح للمرة، وقيل: لا يصح الفتح إلا مع حذف الهاء، وقد غال الرجل وأغيل، والولد مغال ومغيل، واللبن الذي يشربه الولد يقال له: الغيل أيضا. ((قض)): كان العرب يحترزون عن الغيلة، ويزعمون أنها تضر الولد، وكان ذلك من المشهورات الذائعة عندهم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي عنها لذلك، فرأي أن فارس والروم يفعلون ذلك ولا يبالون به، ثم أنه لا يعود علي أولادهم بضرر، فلم ينه.
قوله: وهي: {وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} الضمير راجع إلي مقدر، أي ذلك الوأد الخفي مندرج تحت الآية في الوعيد، وهي قوله:{وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}. ((قض)): وإنما جعل العزل وأدا خفيا؛ لأنه في إضاعة النطفة التي هيأها الله تعالي لأن تكون ولدا، يشبه إهلاك الولد ودفنه حيا، لكن لا شك أنه دونه؛ فلذلك جعله خفيا. واستدل به من حرم العزل، وهو ضعيف؛ إذ لا يلزم من حرمة الوأد الحقيقي حرمة ما يضاهيه بوجه، ولا يشاركه فيما هو علة الحرمة، وهي إزهاق الروح وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولكنه يدل علي الكراهة.
الحديث الثامن عن أبي سعيد: قوله: ((إن أعظم الأمانة)) أي أعظم أمانة عند الله خان فيها