للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٧ - وعن عبد الله بن عمر، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان

ــ

فإن قيل: نحن نشاهد الميت على حاله فكيف يسأل، ويقعد، ويضرب، ولا يظهر أثر؟ فالجواب: أن ذلك غير ممتنع بل له نظير في الشاهد وهو النائم؛ فإنه يجد لذة أو ألما يحسه ولا تحسه، وكذا يجد اليقظان لذة وألما يسمعه، أو يتفكر فيه ولا يشاهد ذلك جليسه، وكذا كان جبريل عليه السلام يأتي النبي عليه الصلاة والسلام فيوحي إليه بالقرآن المجيد ولا يدركه الحاضرون، وكل ذلك دليل ظاهر جلي.

((قض)): من مات وتفرقت أجزاؤه في الشرق والغرب، فإن الله تعالى يعلق روحه بجزئه الأصلي الباقي في أول عمره إلى آخره، المستمر على حاله – حالتي النمو الذبول – الذي يتعلق به الروح أولا فيحي ويحيي بحياته سائر أجزاء البدن، ليسأل فيثاب أو يعذب. ولا يستبعد ذلك؛ فإن الله تعالى عالم بالجزئيات كلها حسب ما هي عليها، فيعلم الأجزاء بتفاصيلها، ويعلم مواقعها ومحالها، ويميز بين ما هو أصل وما هو فضل، ويقدر على تعليق الروح بالجزء الأصلي منها حال الانفراد، وتعليقه به حال الاجتماع؛ فإن البنية عندنا ليست شرطاً للحياة، بل لا يستبعد تعلق روح الشخص الواحد في آن واحد بكل واحد من تلك الأجزاء المتفرقة في المشارق والمغارب؛ فإن تعلقه ليس على سبيل الحلول حتى يمنعه الحلول في جزء من الحلول في آخر، والحديث ورد على ما هو الغالب.

((حس)): في الحديث دليل على جواز المشي بالنعال بحضرة القبور وبين ظهرانيها، والله أعلم.

قوله: ((من يليه)) لا يذهب فيه إلا المفهوم في أن من بعد منه لا يسمعه، لما ورد نصاً في الفصل الثاني في حديث البراء بن عازب من أنه ((يسمعها ما بين المشرق والمغرب)) والمفهوم لا يعارض المنطوق و ((من)) لذوي العقول من الملائكة والثقلين، فغلب هاهنا على غير ذوي العقول، و ((غير الثقلين)) منصوب على الاستثناء.

الحديث الثاني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة)) ((تو)): تقدير الكلام إن كان من أهل الجنة فمقعده من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه، وفيه ((حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة)) و ((الهاء)) يرجع إلى المقعد، ويجوز أن يعود الضمير إلى الله، وهذا لفظ المصابيح، وقد روي أيضاً في الأحاديث الصحاح ((حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة)) أي محشر يوم القيامة، فحذف المضاف.

أقول: ويجوز أن يكون المعنى: فمن كان من أهل الجنة فيبشر بما لا يكتنه كنهه، ويفوز بما

<<  <  ج: ص:  >  >>