للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٠٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال سعد بن عبادة: لو وجدت مع أهلي رجلا لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)). قال: كلا، والذي

ــ

كلام الإمام. وفي الحديث أن لعان الرجل يقدم علي لعان المرأة؛ لأنه مثبت وهذا دارئ، والدرء إنما يحتاج إليه بعد الإثبات.

الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لم أمسه)) جواب ((لو)) ((مظ)): حرف الاستفهام هنا مقدر. أقول: والوجه أن تكون ((لو)) مع جوابها إخبار علي سبيل الإنكار، وفي كلام الله تعالي مثل هذا غير عزيز، ويدل علي الإنكار قوله: ((كلا))، وفي الحديث الثاني ((لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح)). وأما جوابه صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) فحمل كلامه علي الاستفهام من الأسلوب الحكيم و ((إن)) في قوله: ((إن كنت)) هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، وضمير الشأن محذوف، وفي الكلام تأكيد. و ((اسمعوا)) ضمن معنى الإصغاء، وعدي بـ ((إلي)) وفيه اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لسعد وأن ما قاله قاله عن غيرة. وفي ذكر السيد هنا إشارة إلي أن الغيرة من شيم كرام الناس وساداتهم؛ ولذلك أتبعه بقوله: ((وأنا أغير منه، والله أغير مني)).

[((مظ))] *: يشبه أن مراجعة سعد النبي صلى الله عليه وسلم كان طمعا في الرخصة لا ردا لقوله صلى الله عليه وسلم، فلما أبي ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت وانقاد. ((مح)): ليس قوله: ((كلا)) ردا لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره، وإنما معناه الإخبار عن حال نفسه عند رؤية الرجل مع امرأته واستيلاء الغضب عليه؛ فإنه حيثئذ يعالجه بالسيف. أقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تلقى سؤاله بقوله: ((نعم)) علي الأسلوب الحكيم، وأجرى إنكاره مجرى الاستفسار، بين بقوله: ((كلا)) أي ما أردت الاستفسار بل أردت الإنكار.

((نه)): الغيرة هي الحمية والأنفة، يقال: رجل غيور وامرأة غيور بناء مبالغة كشكور وكفور؛ لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى. ((حس)): الغيرة من الله تعالي الزجر والله غيور أي زجور يزجر عن المعاصي؛ لأن الغيرة تغير يعترى الإنسان عند رؤية ما يكرهه علي الأهل، وهو علي الله محال.

الحديث السادس عن المغيرة: قوله: ((مصفح)) ((مح)): هو بكسر الفاء أي غير ضارب بصفح السيف – وهو جانبه – بل بحده. قوله: ((أتعجبون من غيرة سعد؟)) فإن قلت: كيف التوفيق بين قوله: ((إنه لغيور)) وقوله هنا: أتعجبون من غيرته؟ فإن الجملة الأولي دلت علي أنهم أنكروا غيرته حتى رد إنكارهم ((فإن)) و ((اللام))، وها هنا دل التعجب علي أنهم كانوا مثبتين لغيرته جاهلين بسبها. قلت: قول سعد في الحديث الأول: ((كلا)) إلي آخره حملهم علي التعجب من مثل سعد سيد الأنصار كيف يقول مثل ذلك بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعثه علي ذلك؟ فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعجبوا منه، وهو إثبات الغرة. وقوله: ((أتعجبون من غيرة سعد)) وارد

<<  <  ج: ص:  >  >>