للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا إلي ما يقول سيدكم، إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني)). رواه مسلم.

٣٣٠٩ - وعن المغيرة، قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي

ــ

علي قوله: ((إنه لغيور)) يعني لا تعجبوا من غيرته؛ فإن الله أغير منه. وقوله: ((والله أغير منى)) عطف علي المقسم عليه وهو قوله: ((أنا أغير منه)) وقوله: ((ولا أحد أحب)) ((لا)) هنا بمعنى ليس، وقد ذكر الاسم والخبر معها كأن النحويين غفلوا عن هذا الحديث؛ حيث اكتفوا بقوله: ((أنا ابن قيس لا براح)). وقوله: ((العذر)) فاعل لـ ((أحب)) [والمسألة كحلية] *.

قوله: ((ومن أجل غيرة الله حرم الله الفواحش)) يعني أن الله تعالي لما غار علي عباده وإمائه الفواحش، شرح تحريمها ورتب علي مرتكبها العقاب في الدنيا والآخرة؛ لينزجروا عنها. ومعنى ((ما ظهر منها وما بطن)) أي ما أعلن منه وما أسر. وقيل: ما عمل وما نوى وقيل: ظاهرة الزنا في الحوإنيت وباطنه الصديقة في السر.

قوله: ((العذر من الله)) ((مح)): العذر هنا بمعنى الإعذار، أي إزالة العذر، - يعني أن الله تعالي بعث المبشرين والمنذرين لئلا يكون للناس علي الله حجة، كما قال تعالي: {ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}. و ((المدحة)) بكسر الميم المدح، ومعناه أنه تعالي لما وعدها ورغب فيها. كثر سؤال العباد إياها منه والثناء عليه.

أقول: وفيه أن السيد إذا لم يكن غيورا كان مواليه غير مؤدبين، ومن لم يصن عرضه عن اللوم يكون مشقا لأسنة الطاعنين، ومن وعد الناس معروفا ثم وفي بوعده، حسن ثناؤه وكثر حامدون. فإن قلت: أليس النائل إذا كان عن فجاءة كان أكمل من التأخير، والناس لمسرته أمدح؟ قال أبو الطيب:

وأجز الأمير الذي نعماه فاجئة بغير قول ونعمى القوم أقوال

قلت: ليس كذلك؛ لأن الأول حاز كرم الفعال مع صدق المقال، وكان ذلك أقوم لأود المجتدى وأصلح لتهذيب أخلاقه؛ لأنه إذا علق الرجاء به تحرى الأصوب فالأصوب لنيله، ثم إذا قارنه عرف حق النعمة وقام بمواجب الشكر، ولهذا كانت دعواهم في الدنيا: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، والحمد لله الذي هدانا لهذا. وسأل فقير كبيرا حاجة، فقال: أسوفك اليوم بالوعد، وأسرك غدا بالإنجاز لتذوق حلاوة الأمل، وأتزين بحلية الوفاء.

الحديث السابع عن أبي هريرة: قوله: ((وغيرة الله أن لا يأتى)) مبتدأ وخبر، ولا يستقيم حمل الخبر علي المبتدأ إلا بتقديم اللام، أي غيرة الله ثابتة لأجل أن لا يأتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>