للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الجنة)). متفق عليه.

٣٣١٠ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ((إن الله تعالي يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن لا يأتي المؤمن ما حرم الله)). متفق عليه.

ــ

الحديث الثامن عن أبي هريرة: قوله: ((هل فيها من أورق؟)) ((قض)): قال الأصمعي: الأورق من الإبل الذي في لونه بياض إلي سواد، وهو أطيب الإبل لحما، وليس بمحمود في سيره وعمله عندهم، من الورقة وهو اللون الرمادي. ومنه قيل للحمامة [والذئية] *: ورقاء، وورق جمعه كحمر جمع أحمر.

وقوله: ((فأنى ترى ذلك جاءها؟)) أي فمن أين جاءها هذا اللون وأبواها ليسا بهذا اللون؟. قال: ((عرق نزعها)) أي قلعها وأخرجها من ألوان فحلها ولقاحها. وفي المثل: العرق نزاع، والعرق [النجار] **. والأصل مأخوذ من عرق الشجر، يقال: أعرق الرجل إذا صار عريقا، وهو الذي له عرق من الكرم، والمعنى أن ورقتها إنما جاء؛ لأنه كان في أصولها البعيدة ما كان بهذا اللون، أو بألوان تحصل الورقة من اختلاطها؛ فإن أمزجة الأصول قد تورث؛ ولذلك تورث الأمراض، والألوان تتبعها. وفائدة الحديث المنع عن نفي الولد بمجرد الأمارات الضعيفة، بل لا بد من تحقق وظهور دليل قوي، كأن لم يكن وطئها، أو أتت بولد قبل ستة أشهر من مبدأ وطئها.

أقول: فإن قلت: لم لم يعتبر وصف اللون في هذا الحديث؟ واعتبر الأوصاف في حديث شريك بن سمحاء؛ حيث قال: ((إن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك) قلت: إنما لم يعتبر وصف اللون هنا ليدفع التهم؛ لأن الأصل براءة ساحة المسلمين، ولم يكن اعتبار الأوصاف هناك لدفع التهمة، بل لينبه علي أن تلك الأمارات الجلية الظاهرة مضمحلة عند وجود نص كتاب الله تعالي، فكيف بالآراء الخفية؟ ولو شئت قلت: إن الصورتين مستويتان؛ لأن لعانها بالحقيقة ادعاء براءة ساحتها عما نسب إليها، وهو قد غلب علي رمي الزوج ولعانه، وحصول ما يقرر ذلك من وجود الولد من ماء السفاح والله أعلم.

((مح)): فيه أن التعريض بنفي الولد ليس نفيا، وأن التعريض بالقذف ليس قذفا. وهو مذهب الشافعي وموافقيه. وفيه إثبات القياس والاعتبار بالأشباه وضرب الأمثل. وفيه الاحتياط للأنساب وإلحاق الولد بمجرد الإمكان والاحتمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>