٣٣١٦ - وعن أبي هريرة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لما نزلت آية الملاعنة:((أيما امرأة أدخلت علي قوم من ليس منهم؛ فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه وفضحه علي رءوس الخلائق في الأولين والآخرين)). رواه أبو داود، والنسائي، والدارمي. [٣٣١٦]
٣٣١٧ - وعن ابن عباس، قال: جاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي امرأة لا ترد يد لامس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((طلقها)) قال: إني أحبها. قال:((فأمسكها إذن)).
رواه أبو داود، والنسائي وقال النسائي: رفعه أحد الرواة إلي ابن عباس، وأحدهم لم يرفعه. قال: وهذا الحديث ليس بثابت. [٣٣١٧]
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ولن يدخلها الله جنته)) ((تو)): أي مع من يدخلها من المحسنين بل يؤخرها أو يعذبها ما شاء، إلا أن تكون كافرة فيجب عليها الخلود. وذكر النظر تحقيق لسوء صنيعه وتعظيم للذنب الذي ارتكبه؛ حيث لم يرض بالفرقة حتى أماط جلباب الحياء عن وجهه. أقول: يريد أن قوله: ((وهو ينظر إليه)) تتميم للمعنى ومبالغة فيه. وقوله:((في الأولين)) يحتمل أن يكون ظرفا لـ ((فضحه)) و ((علي رءوس الخلائق)) حالا من الضمير المنصوب، ويحتمل أن يكون حالا مؤكدة من الخلائق، أي علي رءوس الخلائق أجمعين.
الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((لا ترد يد لامس)) ((حس)): معناه أنها مطاوعة لمن أرادها لا ترد يده. [((تو))] *: هذا وإن كان اللفظ يقتضيه احتمالا، فإن قوله صلى الله عليه وسلم:((فأمسكها إذن)) يأباه، ومعاذ الله أن يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمساك من لا تماسك لها عن الفاحشة فضلا من أن يأمر به، وإنما الوجه فيه أن الرجل شكا إليه خرقها وتهاونها بحفظ ما في البيت والتبرع ببذله لمن أراده.
((قض)): هذا الوجه ضعيف؛ لأن إمساك الفاجرة غير محرم حتى لا يؤذن فيه سيما إذا كان الرجل مولعا بها؛ فإنه ربما يخاف علي نفسه أن لا يصطبر عنها لو طلقها، فيقع هو أيضا في الفجور، بل الواجب عليه أن يؤدبها ويجتهد في حفظها. ((حس)). فيه دليل علي جواز نكاح الفاجرة، وإن كان الاختيار غير ذلك، وهو قول أكثر أهل العلم.