للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول: والذي يقتضيه ضيق المقام من توصية أمته في آخر عهده، أن يقدر ((احذروا)) كقولهم: أهلك والليل، ورأسك والسيف، وان يكون الحديث من جوامع الكلم، فناب ب ((الصلاة)) عن جميع المأمورات والمنهيات {إنَّ الصَّلاةَ تَنْهي عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ} وب {مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} عن جميع ما يتصرف فيه ملكا وقهرا؛ ولذلك خص اليمين كما في قول الشاعر:

وكنا الأيمنين إذا التقينا وكان الأيسرين بنو أبينا

فنبه بالصلاة علي تعظيم أمر الله، وب {مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} علي الشفقة علي خلق الله؛ ولأن ((ما)) عام في ذوي العلم وغيرهم، وإذا خص بذوي العلم يراد به الصفة، وهي تحتمل التعظيم والتحقير، فحمله علي المماليك يقتضي تحقير شأنهم وكونهم مسخرين لمواليهم، والوجه الأول أوجه لعمومه، فيدخل المماليك فيه أيضا.

الحديث الرابع عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قوله: ((سيء الملكة)) ((نه)): أي الذي يسيء صحبة المماليك، يقال: فلان حسن الملكة إذا كلن حسن الصنيع إليهم. أقول: معنى سوء الملكة يدل علي سوء الخلق، وهو شؤم، والشؤم يورث الخذلان ودخول النار، ولذلك قوبل في الحديث الآتي سوء الخلق بحسن الملكة.

الحديث الخامس عن رافع: قوله: ((حسن الملكة يمن)) ((قض)): أي يوجب اليمن؛ إذ الغالب أنهم إذا رأف بهم السيد وأحسن إليهم، كانوا أشفق عليه وأطوع له وأسعى في حقه، وكل ذلك يؤدي إلي اليمن والبركة. وسوء الخلق يورث البغض والنفرة ويثير اللجاج ولعناد، وقصد الأنفس والأحوال.

قوله: ((ميتة السوء)) ((نه)): الميتة – بكسر الميم – الحالة التي يكون عليها الإنسان من موته كالجلسة والركبة، يقال: فلان مات ميتة حسنة أو سيئة. وقوله: ((البر زيادة في العمر)) يحتمل أنه أراد بالزيادة البركة فيه؛ فإن الذي بورك له في عمره يتدارك في اليوم الواحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>