للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٩٢ - وعن جابر: أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا ولم يكن له مال غيره، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((من يشتريه مني؟)) فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمائة درهم. متفق عليه، وفي رواية لمسلم: فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فدفعها إليه ثم قال: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها؛ فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)) يقول: فبين يديك وعن يمينك [وعن] * شمالك.

ــ

بنفس الشراء. ومن ذهب إلي أنه لا يعتق بنفس الشراء يجعل الفاء في ((فيعتقه)) للتعقيب لا للسببية، وإذا صح الشراء ثبت الملك، والملك قيد التصرف.

أقول: هذا وأمثاله مما لا يشفي الغليل؛ لأن الأبوة تقتضي المالكية كما سبق في حديث عمرو بن شعيب ((أنت ومالك لوالدك)) وقوله تعالي: {وعَلي المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ} والشراء من مقدمات الملك، والعتق من مقتضياته، كما تقرر في علم الأصول أن من قال: اعتق عبدك عني، يقتضي تمليكه إياه ثم عتقه عنه، فالجميع بينهما جمع بين المتنافيين.

والحديث من باب التعليق بالمحال للمبالغة، المعنى: لا يجزى ولد والده إلا أن يملكه فيعتقه وهو محال، فالمجازاة محال، كما في قوله تعالي: {ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ}، الكشاف: يعني إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه فلا يحل لكم غيره، وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه، وسد الطريق إلي إباحته، كما يعلق بالمحال. ويجوز أن تكون الفاء كما في قوله تعالي: {فَتُوبُوا إلي بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} إذا جعلت التوبة نفس القتل. وقوله: ((مملوكا)) نصب علي الحال من الضمير المنصوب في ((يجده)).

الحديث الخامس عن جابر: قوله: ((دبر مملوكا له)) ((حس)): اختلفوا في بيع المدبر، فأجازه جماعة علي الإطلاق، واليه ذهب الشافعي وأحمد. وروى عن عائشة رضي الله عنها: أنها باعت مدبرة لها سحرتها، فأمرت ابن أختها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها. وقال جماعة: لا يجوز بيعه إذا كان التدبير مطلقا، وهو أن يقول: إذا مت فأنت حر من غير أن يقيد بشرط أو زمان، أو قاسوا المدبر علي أم الولد؛ لتعلق عتق كل واحد منهما بموت المولي علي الإطلاق، [وتأولوا] ** علي التدبير المقيد وهو أن يقول: إن مت من مرضي هذا أو في شهري

<<  <  ج: ص:  >  >>