٣٤٦٠ - وعنه، قال: كسرت الربيع – وهي عمة أنس بن مالك – ثنية جارية من الأنصار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بالقصاص، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أنس! كتاب الله القصاص)). فرضي القوم وقبلوا الأرش. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره)). متفق عليه.
ــ
ما حكي عن الحسن البصري وعطاء. وفيه دليل علي أن القتل بالحجر المثقل الذي يحصل به القتل غالباً يوجب القصاص، وهو قول أكثر أهل العلم، وإليه ذهب مالك والشافعي. ولم يوجب بعضهم القصاص إذا كان القتل بالمثقل، وهو قول أصحاب أبي حنيفة. وفيه دليل علي جواز اعتبار جهة القتل، فيقتص من القاتل بمثل فعله.
((مح)): إذا كانت الجناية شبه عمد، فإن قتل بما لا يقصد به القتل غالباً فتعمد القتل به، كالعصا والسوط واللطمة والقضيب والبندقة ونحوها، فقال مالك والليث: يجب فيه القود، وقال الشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق، وغيرهم من الصحابة والتابعين: لاقصاص فيه. وفيه جواز سؤال الجريح من جرحك، وفائدته أن يعرف المتهم فيطلب، فإن أقر ثبت عليه القتل، وإن أنكر فعليه اليمين، ولا يلزم شيء بمجرد قول المقتول، وهو مذهب الجمهور. ومذهب مالك ثبوت القتل بمجرد قول المجروح، وتعلق بهذا الحديث في إحدى الروايتين عن مسلم.
الحديث الثالث عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ثنية جارية)) ((قض)): الثنية واحدة الثنايا، والحديث يدل علي ثبوت القصاص في الأسنان. وقول أنس:((لا والله لا تكسر ثنيتها)) لم يرد به الرد علي الرسول صلى الله عليه وسلم والإنكار لحكمه، وإنما قاله توقعاً ورجاء من فضله تعالي أن يرضي خصمها، ويلقي في قلبها أن تعفو عنها ابتغاء مرضاته؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رضي القوم بالأرش ما قال.
وقوله:((كتاب الله القصاص)) أي حكمه أو حكم الكتاب علي حذف المضاف، ويكون إشارة إلي قوله تعالي:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وقوله تعالي: {وإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} وقوله تعالي: {والْجُرُوحَ قِصَاصٌ} أو إلي قوله تعالي: {وكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ – إلي قوله - والسِّنَّ بِالسِّنِّ}. إن قلنا: بأنا متعبدون بشرع من قلبنا ما لم يرد له نسخ في شرعنا. أقول:((لا)) في قوله: ((لا والله))