للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٤٦١ - وعن أبي جحيفة، قال: سألت علياً [رضي الله عنه]: هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا

ــ

ليس رداً للحكم بل نفي لوقوعه، وقوله: ((والله لا تكسر)) إخبار عن عدم الوقوع، وذلك بما كان له عند الله من القرب والزلفي والثقة بفضل تعالي ولطفه في حقه أنه لا يخيبه بل يلهمهم العفو، يدل عليه ما في رواية لمسلم ((لا والله لا يقتصن منها أبداً)) ولذلك أتبعه بقوله: ((إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره)) حيث جعله من زمرة عباد الله المخلصين وأولياء الله المصطفين.

((مح)): فيه جواز الحلف فيما يظن الإنسان وقوعه، وجواز الثناء علي من لا يخاف الفتنة بذلك، واستحباب العفو عن القصاص، والشفاعة في العفو، وأن الخيرة في القصاص والدية إلي مستحقه لا إلي المستحق عليه، وإثبات القصاص بالرجل والمرأة، ووجوب القصاص في السن وهو مجمع عليه إذا قلعها كلها، وفي كسر بعضها وكسر سائر العظام خلاف، والأكثرون علي أنه لا قصاص.

الحديث الرابع عشر عن أبي جحيفة: قوله: ((فلق الحبة)) ((تو)): أي شقها فأخرج منها النبات الغض و ((برأ النسمة)) أي خلقها، والنسمة النفس، وكل دابة فيها روح فهي نسمة، يشير بذلك إلي أن المحلوف به سبحانه هو الذي فطر الرزق وخلق المرزوق، وكذلك كان يحلف إذا اجتهد في يمينه.

قوله: ((إلا فهما)) ((خط)): يعني ما يفهم من فحوى كلامه ويستدرك من باطن معإنيه التي هي غير الظاهر من نصه والمتلقي من لفظه. ويدخل في ذلك جميع وجوه القياس والاستنباط التي يتوصل إليها من طريق الفهم والتفهم.

((قض)): إنما سأله ذلك؛ لأن الشيعة يزعمون أنه صلى الله عليه وسلم خص أهل بيته – لاسيما علياً رضي الله عنه – بأسرار من علم الوحي لم يذكره لغيره؛ أو لأنه كان يرى منه علما وتحقيقاً لا يجده عند غيره، فحلف أنه ليس عنده شيء من ذلك سوى القرآن؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يخص بالتبليغ والإرشاد قوماً دون قوم، وإنما وقع التفاوت من قبل الفهم واستعداد الاستنباط، فمن رزق فهما وإدراكاً وفق للتأمل في آياته والتدبر في معإنيه فتح عليه أبواب العلم. واستثنى ما في الصحيفة احتياطاً؛ لاحتمال أن يكون فيها ما لا يكون عند غيره، فيكون منفرداً بالعلم به. والظاهر أن ((ما في الصحيفة)) عطف علي ((ما في القرآن)) [وإلا ففيه استثناء منقطع وقع استدراكاً عن مقتضى الحصر المفهوم من قوله: ((ما عندنا إلا ما في القرآن] فإنه إذا لم يكن عنده إلا ما في القرآن، والقرآن كما هو عنده فهو عند غيره، فيكون ما عنده من العلوم يكون عند غيره، لكن التفاوت واقع غير منكر ولا مدافع، فبين أنه جاء من قبل الفهم والقدرة علي الاستنباط واستخراج المعإني وإدراك اللطائف والرموز.

<<  <  ج: ص:  >  >>