للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٢ - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبغض الناس إلى الله

ــ

قوله عليه الصلاة والسلام: ((وكل بدعة ضلالة)) [عطف على محذوف. ((مج)): قوله: ((كل بدعة ضلالة))] عام مخصوص، كقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} وقوله: {وأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}، والمراد بها غالب البدعة.

و ((البدعة)) كل شيء عمل على مثال سابق، وفي الشرع: إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال الشيخ المجمع على إمامته وجلالته أبو محمد عزالدين بن عبد السلام – رحمه الله – في آخر كتاب القواعد: البدع منقسمة على خمسة: واجبة، كالاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكحفظ غريب الكتاب والسنة، وكتدوين أصول الفقه، والكلام في الجرح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم.

ومحرمة كمذاهب الجبرية، والقدرية، والمرجئة، والمجسمة. والرد على هؤلاء من البدع الواجبة؛ لأن حفظ الشريعة من هذه البدع فرض كفاية.

ومندوبة، كإحداث الربط، والمدارس، وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، وكالتراويح، والكلام في دقائق التصوف، وكمجمع المحافل للاستدلال في المسائل إن قصد بذلك وجه الله تعالى.

ومكروهة، كزخرفة في المساجد وتزويق المصاحف.

ومباحة، كالمصافحة عقيب الصبح، والعصر، والتوسيع في لذيذ المأكل، والمشرب، والملابس، والمساكن، وتوسيع الأكمام.

وقد اختلف في كراهية بعض ذلك، روى البيهقي عن الشافعي في كتاب مناقبه: المحدثات من الأمور ضربان: ما أحدث مما يخالف كتاباً، أو سنة، أو أثراً، أو إجماعاً فهذه البدعة الضلالة. وما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواجد من المذكورات فهذه محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: ((نعمت البدعة هذه)) يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الشافعي رضي الله عنه. وهذا أيضاً آخر كلام الشيخ محيي الدين – رحمة الله عليه – في كتاب تهذيب الأسماء واللغات، والله أعلم.

الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنه: قوله: ((أبغض الناس)) المراد بالناس المسلمون؛ لقوله: ((ومبتغ في الإسلام)) يعني أبغض المسلمين إلى الله تعالى هؤلاء الثلاثة؛ لأنهم جمعوا بين الذنب وما يزيد به قبحاً من الإلحاد، وكونه في الحرام، وإحداث البدعة في الإسلام، وكونها من أمر الجاهلية، وقتل نفس لا لغرض من الأغراض، بل لمطلق كونه قتلا، كما يفعل شطار

<<  <  ج: ص:  >  >>