للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ((ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟! فو الله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية)) متفق عليه.

١٤٧ - وعن رافع بن خديج، قال: قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم يؤبرون النخل، فقال: ((ما تصنعون؟) قالوا: كنا نصنعه. قال: ((لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً)). فتركوه؛ فنقصت. قال: فذكروا ذلك له. فقال: ((إنما أنا بشر؛ إذا أمرتكم بشيء من

ــ

عنه ((شف)): ((أصنعه)) في موضع النصب على الحال من ((الشيء)) ويجوز أن يكون مجروراً وصفاً له، لأنه منكر معنى كقوله صلى الله عليه وسلم: ((يأتيه الأمر من أمرى)) أي أمر من أموري. وفيه بحث، لأن التعريف في ((الشيء)) للعهد وهو إشارة إلى قوله: ((شيئاً)) وهو فعل مخصوص تنزهوا عنه. فالحال أولى.

قوله: ((وأشدهم له خشية)) القياس وأخشاهم له، لأن التوصل بأشد إنما يكون في الممتنع، وهذا الفعل غير ممتنع بناء أفعل منه. أقول: هو كقوله تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} وفيه مبالغة، ذكر في الكشاف. وقوله: ((فخطب فحمد الله)) تقديره: أراد أن يخطب فحمد الله. و ((يتنزهون)) صفة ((أقوام)) وفي معناها الحال في قولك: مالك قائماً؟ وقوله تعالى: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقَارًا}. و ((فو الله)) وقع موقع {وقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} فإنه حال من الضمير في ((لا ترجون)) مقررة لجهة الإشكال، أي ما لكم غير آملين لله وقاراً والحالة هذه؟ كذلك ((ما بالهم)) أي ما بالهم يتنزهون وأنا بين أظهرهم وأعلم بالله منهم؟ فهذه الفاء نظيره في قوله تعالى: {أَفَإن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وكان ينبغي لهم أن يجعلوا عدم تنزههم عن الرخص مسبباً عن عمله صلوات الله عليه فعكسوا، فأنكر عليهم. والله أعلم بالصواب.

الحديث الثامن عن رافع: قوله: ((يؤبرون)) الجوهري: أبر فلان نخله أي لقحه وأصلحه، وفي رواية طلحة بين عبيد الله ((يلقحونه)) يجعلون الذكر في الأنثى بلقح. وقوله: ((كنا نصنعه)) أي هذا دأبنا وعادتنا. وقوله: ((كان خيراً)) أي تتبعون فيما لا ينفع، كما جاء في تلك الرواية ((ما أظن)) يعني ذلك شيئاً، وأضاف الدين إليهم؛ لأن المراد إذا أمرتكم بما ينفعكم في أمر دينكم فخذوه، كقوله تعالى: {ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}. وأوقع قوله: {إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ} جزاء الشرط على تأويل وإذا أمرتم بشيء من رأى وأخطئ فلا تستبعدوه، فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب. كما جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>