٣٦٨٨ - وعن عائذ بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن شر الرعاء الحطمة)) رواه مسلم.
٣٦٨٩ - وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم؛ فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم؛ فارفق به)) رواه مسلم.
ــ
عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم ودنياهم، فإذا خان فيما ائتمن عليه فلم ينصح فيما قلده إما بتضييع حقهم وما يلزمه من أمور دينهم ودنياهم أو غير ذلك، فقد غشهم.
وفي قوله:((حرم الله عليه الجنة)) تأويلان: أحدهما: أنه محمول علي المستحل، والثاني: علي أنه محرم عليه دخولها مع الفائزين السابقين. وقوله:((فيموت وهو غاش)) دليل علي أن التوبة قبل حالة الموت باقية. قوله:((فلم يحطها)) ((نه)): يقال حاطه يحوطه حوطاً وحياطة إذا حفظه وصانه، وذب عنه وتوفر علي مصالحه.
الحديث الثامن والعشرون عن عائذ: قوله: ((إن شر الدعاء)) ((نه)): الرعاء بالكسر والمد جمع راع كتجار جمع تاجر. ((فا)): الحطمة هو الذي يعنف الإبل في السوق والإيراد والإصدار فيحطمها. ضربه مثلا لوالي السوء. أقول: لما استعار للوالي والسلطان لفظ الراعي أتبعه بما يلائم المستعار منه من صفة الحطم، فالحطمة ترشيح لاستعارة الراعي لهم. ((قض)): فالمراد بالحطمة الفظ القاسي الذي يظلم الرعية ولا يرحمهم، من الحطم وهو الكسر. وقيل: الأكول الحريص الذي يأكل ما يرى ويقضمه؛ فإن من هذا دأبه يكون دنئ النفس ظالماً بالطبع شديد الطمع فيما في أيدي الناس.
الحديث التاسع والعشرون عن عائشة رضي الله عنه: قوله: ((من أمر أمتي)) ((من)) بيان ((شيئاً)) كانت صفة قدمت فصارت حالا. وقوله:((فاشقق عليه)) ((مح)): هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة علي الناس وأعظم الحث علي الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث في هذا المعنى.
أقول: وهو من أبلغ ما أظهر صلوات الله عليه من الرأفة والشفقة والمرحمة علي أمته، فنقول بلسان الحال: اللهم! هذا أوان أن ترحم علي أمة حبيبك وترأف بهم، وتنجيهم من الكرب العظيم الذي هم فيه، يا من لا إله إلا أنت العظيم الحليم، لا إله إلا أنت رب العرش العظيم، لا إله إلا أنت رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم، ويرحم الله عبداً قال: آميناً.