للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٧١٤ - وعن أبي أمامة, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك, إلا أتاه الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يده إلي عنقه فكه بره, أو أوبقه أثمه, أولهما ملامة, وأوسطها ندامة, وآخرها خزي يوم القيامة)). [٣٧١٤]

٣٧١٥ - وعن معاوية, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معاوية! إن وليت أمرا فاتق الله واعدل)) قال: فما زالت اظن إني مبتلي بعمل, لقول النبي صلى الله عليه وسلم حتى ابتليت. [٣٧١٥]

ــ

الحديث الرابع عن أبي أمامة رضي الله عنه: قوله: ((أولها ملامة)) إشارة إلي أن من يتصدى للولاية فالغالب أن يكون غرا غير مجرب للأمور ينظر إلي ملاذها ظاهرا فيحرص في طلبها ويلومه أصدقاؤه, ثم إذا باشرها وتلحقه تبعاتها وما يؤل إليه من وخامة عاقبتها يندم, وفي الآخرة خزي ونكال, هذا علي رأي من قال: إن الجمل المتناسقة إذا أتى بقيد بعدها يختص بالأخير, وأما من قال: إنه مشترك بينهما تكون الندامة والملامة والخزي يوم القيامة. ويؤيد الأول قوله: ((أتاه الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يده إلي عنقه)) فان إتيانه مغلولا يده إلي عنقه هو الخزي والذل والهوان, يقال: خزي يخزى خزاية أي استحي، وخزي يخزى خزيا أي ذل وهان. وقوله: ((أتاه الله)) أي أمر الله أو ملائكته.

وقوله: ((يده)) يحتمل أن يكون مرفوعا بمغلولا و ((إلي عنقه)) حالا, وعلي هذا يكون ((يوم القيامة)) متعلقا ب ((مغلولا)). ويحتمل أن يكون مبتدأ و ((إلي عنقه)) خبره والجملة إما مستأنفة أو حال بعد حال, وحينئذ ((يوم القيامة)) إما ظرف ل ((أتاه)) وهو الأوجه, أو ل ((مغلولا)) وإذا كانت مستأنفة كانت بيانا ل ((مغلولا)) , والجملتان مستأنفتان مبينتان للجموع, كأن سائلا سال أولا عن كيفية هيئة المغلول, فأجيب: يده إلي عنقه, ثم سال ثإنيا فماذا يجري عليه بعد ذلك فأجيب: فكه بره.

فان قلت: آخر الشيء مقتضاه فلا يصح أن يتخلل بينه وبين ما هو آخره غيرهما, ولا شك أن الإمارة تنقضي في الدنيا فكيف يكون الخزي يوم القيامة آخره؟ قلت: نحن نعتبر صفة الإمارة مستمرة إلي يوم الدين علي سبيل المجاز.

الحديث الخامس عن معاوية: قوله: ((فما زلت)) الفاء فيه للتسبب, يعني تسبب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لحصول ظني, فان حمل ((إن)) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن وليت)) علي الجزم كما في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: ((إن يكن هذا من عند اله يمضه)) – وكان الملك أخبره بالقضية كان الظن بمعنى اليقين كما في قوله تعالي: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ} فيكون معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>