٣٧٦٠ - وعن أبي أمامة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه؛ فقد اوجب الله له النار, وحرم الله عليه الجنة)). فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيبا من أراك)). رواه مسلم.
٣٧٦١ - وعن أم سلمة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أنا بشر, وإنكم تختصمون إلي, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, فاقضي له علي نحو ما أسمع منه. فمن قضيت له بشيء من حق أخيه؛ فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار)). متفق عليه.
ــ
الحديث الثالث عن أبي أمامة:] * قوله: ((من اقتطع)) ((تو)): أي ذهب بطائفة من ماله ففصلها عنه, قال: اقتطعت من الشيء قطعته. ((مح)): فيدخل في قوله: ((حق امرئ مسلم)) أن من حلف علي غير مال كجلد الميتة والسرجين, وير ذلك من النجاسات التي ينتفع بها, وكذا سائر الحقوق التي ليست بمال كحق القذف ونصيب الزوجة في القسم وغير ذلك. قوله: ((وحرم عليه الجنة)) يدل علي التأبيد بعد احتمال الخروج من قوله: ((أوجب الله عليه النار)).
قيل: في تأويله وجهان أحدهما: أنه محمول علي المستحيل لذلك وإذا مات عليه. وثإنيهما: أنه قد استحق النار ويجوز العفو عنه, وقد حرم عليه دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين. وأما تقييده صلى الله عليه وسلم بالمسلم فلا يدل علي عدم تحريم حق الذمي, بل لتفظيع شأن مرتكب هذه الفظيعة, كما مر؛ لأن أخوة الإسلام تقتضي القيام بحقه ومراعاة جانبه في سائر ما له وعليه. وهذه الفائدة كافية في التقييد فلا يذهب إلي العمل بالمفهوم.
الحديث الرابع عن أم سلمة: قوله: ((ألحن)) ((غب)): اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه, إما بإزالة الإعراب أو التصحيف وهو المذموم, وذلك أكثر استعمالا, وإما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه إلي تعريض وفحوى, وهو محمود من حيث البلاغة, وإياه قصد الشاعر بقوله:
وخير الحديث ما كان لحنا
وكذا قوله تعالي: {ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ} ومنه قيل للفطن لما يقتضي فحوى الكلام: لحن. ومنه الحديث ((ألحن بحجته)) أي ألسن وأفصح وأبين كلاما وأقدر علي الحجة.