للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٦٤ - وعن علقمة بن وائل, عن أبيه, قال: جاء رجل من حضرموت, ورجل من كندة إلي النبي صلى الله عليه وسلم, فقال الحضرمي: يا رسول الله إن هذا غلبني علي أرض لي فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي, ليس له فيها حق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم

ــ

واستدلوا أيضا بحديث علقمة بن وائل الذي يتلو حديث ابن عباس هذا. وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألك بينة)) قال: لا. قال: ((فلك يمينه)). فلما أعاد عليه القول, قال: ((ليس لك منه إلا ذلك)).

أقول: قوله: إلا بدليل مقطوع به يقال له: هل يجاء بأقطع من هذا الحديث صحة ونصا, أما الصحة فقد رواه مسلم في صحيحة. قال الشيخ محي الدين: وجاءت أحاديث كثيرة في هذه المسألة من رواية علي وابن عباس وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعمارة بن حزم وسعد بن عبادة وعبد الله ابن عمرو والمغيرة رضوان الله عليهم أجمعين, وهو حجة جمهور علماء الإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار.

وأما ظاهر النص فإن ((قضى)) يستعمل بالباء واللام وعلي, والباء للسببية, فإذا قلت: قضى للمدعي علي المدعى عليه بسبب البينة واليمين استقام وصح. ولو قلت: قضى للمدعى عليه بسبب يمينه وشاهد للمدعي أبعدت المرمى وركبت شططا, ولكن أولائك الرامية في حذف البان الحائزة بصب السبق في حلبة الميدان, السابقون والمصلون من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أصابوا المخبر وركبوا متن الصواب, فعلي هذا أنى يكون للاحتمال فيه مجال.

وأما قوله: ((ألك بينة)) التنكير فيه للشيوع أي ألك بينة ما, فقوله: ((لا)) يريد به أن ليس لي بينة أصلا, فكيف يستدل بهذا علي المطلوب؟ إذ لو كان له شاهد واحد لم يقل للمدعي فلك يمينه, بل فعليك اليمين.

الحديث السابع عن علقمة: قوله: ((وهو عنه معرض)) هو مجاز عن الاستهانة به والسخط عليه والإبعاد عن رحمته] *, نحوه قوله تعالي: {ولا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولا يَنظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ} و ((غلبني علي أرض)) أي غصبها مني قهرا. ((مح)) وفي رواية ((علي أرض لأبي)). وفيه أنواع من الفوائد منها: أن صاحب اليد أولي من أجنبي يدعي عليه. ومنها: أن المدعي عليه يلزمه اليمين إذا لم يقر, ومنها: أن البينة تقدم علي اليد ويقضى بها لصاحبها بغير يمين. ومنها أن يمين الفاجر المدعى عليه تقبل كيمين العدل, ويسقط عنه المطالبة بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>