لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي؛ أن أرجعه بما نال من أجر وغنيمة، أو أدخله الجنة)) متفق عليه.
ــ
الرفع المستثنى منه أعم عام الفاعل، أي لا يخرجه مخرج ولا يحركه محرك إلا إيمان وتصديق، وعلي رواية النصب المستثنى منه أعم عام المفعول له، أي لا يخرجه المخرج ولا يحركه المحرك لشيء من الأشياء إلا للإيمان والتصديق.
((شف)): قوله: ((لا يخرجه إلا إيمان بي)) فيه إضمار أي انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلا لا يخرجه إلا إيمان بي. أقول: هذا أحد قولي المالكي، والآخر أن الضمير في ((سبيله)) راجع إلي ((من)) و ((سبيله)) نعت محذوف أي في سبيله المرضية، والنعت يحذف كثيرا إذا كان مفهوما، نحو قوله تعالي:{لَرَادُّكَ إلي مَعَادٍ} تحبه، ثم أضمر بعد ((سبيله)) قولا حكى به ما بعد ذلك لا موضع له من الإعراب، يعني أن الجملة الثانية استئنافية، كأن قائلا قال: وما ذاك بالانتداب وكيف انتدب؟ أجيب: قال: ((لا يخرجه)) لكن علي هذا التقدير لا يلتئم قوله: ((أن أرجعه)) بـ ((انتدب)). والأشبه أن يكون التفاتا؛ إذ لو قيل:((إلا إيمان بي)) لكان مجرى علي الظاهر ولم يفتقر إلي الإضمار فعدل تفخيما لشأن المخرج ومزيدا لاختصاصه وقربه، والجار من ((أن أرجعه)) محذوف، أي أجاب الله دعاءه بأن قال: إما أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة.
((تو)): ويروى ((أو غنيمة)) وهو لفظ الكتاب، ويروى بالواو وهو أوجه الروايتين وأسدهما معنى. ((مح)): قالوا معناه أرجعه إلي مسكنه مع ما حصل له من الأجر بلا غنيمة إن لم يغنموا، أو مع الأجر والغنيمة معا إن غنموا. وقيل: إن ((أو)) هنا بمعنى الواو أي من أجر وغنيمة. ووقع بالواو في رواية أبي داود وكذا في صحيح مسلم في رواية يحيى بن يحيى. أقول:((أو)) بمعنى الواو ورد في التنزيل منه قوله تعالي: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} كذا ذكره القتيبي.
وقوله:((أو غنيمة)) عطف علي ((أجر)) و ((أو)) داخلة علي ((أن أرجعه)) فيكون صلة ((أن)) والتقدير أن الله تعالي أجاب الخارج في سبيله إما بأن يرجعه إلي مسكنه مع أجر بلا غنيمة أو أجر مع غنيمة، وإما أن يستشهد فيدخله الجنة.
((مح)): قال القاضي عياض: يحتمل أن يدخله عند موته كما قال تعالي في الشهداء: {عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، وأن يراد دخوله الجنة مع السابقين المقربين بلا حساب ولا عذاب، وتكون الشهادة مكفرة لذنوبه.