يوم وليلة في سبيل الله، خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان)) رواه مسلم.
٣٧٩٤ - وعن أبي عبس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله؛ فتمسه النار)) رواه البخاري.
٣٧٩٥ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا)) رواه مسلم.
ــ
لازمت. قوله:((وإن مات جرى عليه عمله)) الضمير في ((مات)) راجع إلي المرابط، وإن لم يجر له ذكر لدلالة الرباط عليه.
((مح)): هذه فضيلة مختصة بالمرابط لا يشاركه فيها غيره، وقد جاء صريحا في غير مسلم:((كل ميت يختم له علي عمله إلا المرابط، فإنه ينمي له عمله إلي يوم القيامة)).
((وأمن الفتان)) ضبطوه من وجهين: أحدهما بفتح الهمزة وكسر الميم. والثاني:((أومن)) بضم الهمزة وإثبات الواو، و ((الفتان)) رواية الأكثر بضم الفاء جمع فاتن، ورواية الطبري بالفتح، وفي سنن أبي داود ((وفتنة القبر)). أقول: إذا روى بالفتح فالوجه ما قيل: إن المراد منه الذي يفتن المقبور بالسؤال فيعذبه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيقيض له أعمى وأصم)) وإن روى بالضم فالأولي أن يحمل علي أنواع من الفتن بعد الإقبار من ضغطة القبر والسؤال والتعذيب في القبر، وبعده من أهوال القيامة.
ومعنى ((جرى عليه عمله)) كقوله: جرى عليه القضاء، أي يقدر له من العمل بعد الموت، كما جرى منه قبل الممات. فجرى هنا بمعنى قدر ونحوه في المريض قوله صلى الله عليه وسلم:((إن العبد إذا كان علي طريقة حسنة من العبادة ثم مرض، قيل للملك الموكل به: اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا)) ولما كان قوله صلى الله عليه وسلم: ((وأجري عليه رزقه)) تلميحا إلي قوله: ((يرزقون)) أجرى مجراه في البناء للمفعول.
الحديث الثامن عن أبي عبس: قوله: ((فتمسه النار)) مسبب عن قوله: ((اغبرت)) والنفي منصب علي القبيلتين معا، وفائدته أن غير المذكور محال حصوله، فإذا كان مس الغبار قدميه دافعا لمس النار إياه، فكيف إذا سعى فيها واستفرغ جهده، وألقى النفس عليها بشراشره فقتل وقتل.
الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((في النار أبدا)) ((مح)): قال القاضي: يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافرا في الجهاد، فيكون ذلك مكفرا لذنوبه حتى لا يعاقب