فذلك إن يهلك فحسن ثناؤه وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما
وعطف قوله:((والموت)) علي ((القتل)) لما أريد به الأهوال والأفزاع في مواطن الحرب، كقول الحماسي:
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة يرى غمرات الموت ثم يزورها
فتكون ((مظانه)) بدل اشتمال من الموت، كقوله تعالي:{واذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إذِ انتَبَذَتْ} أي اذكر وقت انتباذها، فيكون مفعولا به علي الاتساع كقوله ويوم شهدنا، ومظان الموت في الحديث بمنزلة غمرات الموت في البيت. وذهب الشارحون إلي أنه منصوب علي الظرفية من قوله:((يبتغي)).
و ((هذه)) من قوله: ((من هذه الشعف)) و ((هذه الأودية)) للتحقير كما في قوله تعالي: {ومَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا} وقوله: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً} ومن ثمة صغر ((غنيمة)) وصفا لقناعة هذا الرجل بأنه سكن في أحقر مكان ويجتزئ بأدنى قوت، واعتزال الناس يكفهم شره عنهم، ويستكفي شرهم عنه، ويشتغل بعبادة ربه حتى يجيئه الموت. وعبر عن الموت باليقين ليكون نصب عينيه مزيدا للتسلي؛ فإن في ذكر هادم اللذات ما يعرضه عن أغراض الدنيا، ويشغله عن ملاذها بعبادة ربه حتى يحيه ألا ترى كيف سلي حبيبه صلوات الله عليه حين لقي ما لقي من