للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٣٠ - وعن أبي هريرة، قال: مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة، فأعجبته، فقال: لو اعتزلت الناس، فأقمت في هذا الشعب. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعل؛ فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة)). رواه الترمذي. [٣٨٣٠]

٣٨٣١ - وعن عثمان [رضي الله عنه]، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل)). رواه الترمذي، والنسائي. [٣٨٣١]

ــ

الحديث الحادي عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من ماء)) صفة عيينة جيء بها مادحة؛ لأن التنكير فيها يدل علي نوع من ماء صاف تروق به الأعين وتبهج به الأنفس. و ((عذبة)) صفة أخرى مميزة للطعم الألذ، السائغ في المرئ، ومن ثم أعجب الرجل وتمنى الاعتزال عن الناس. ويجوز ان تكون ((لو)) امتناعية. وقوله: ((فأقمت)) عطف علي ((اعتزلت)) وجواب لو محذوف، أي لكان خيرا لي. ((تو)) وجدنا في سائر النسخ ((فيه غيضة)) وليس ذلك بسديد ولم تشهد به رواية. ((قض)): في أكثر النسخ ((غيضة من ماء)) فإن صحت الرواية بها فالمعنى غيضة كائنة من ماء، وهي الأجمة من غاض الماء إذا نضب؛ فإنها مغيض ماء يجتمع فيه الشجر، والجمع غياض وأغياض.

قوله: ((ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟)) يؤذن أن اعتزال الرجل والاشتغال بعبادة الرب في ذلك الشعب؛ لا يوجب الغفران ولا إدخال الجنة وليس بذلك. والجواب أن المار بالشعب كان في صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القاصدين للغزو، وقد وجب الغزو وكان اعتزاله للتطوع معصية لاستلزامه ترك الواجب، ولذلك تمم الخطاب بقوله: ((ألا تحبون))؟ تعريضا بغيره ممن صحبه يومئذ. والله أعلم.

الحديث الثاني عشر عن عثمان رضي الله عنه: قوله: ((من المنازل)) فإن قلت: هو جمع محلي بلام الاستغراق، فيلزم أن تكون المرابطة أفضل من المجاهدة في المعركة، ومن انتظار الصلاة بعد الصلاة في المساجد، وقد قال فيه: ((فذلكم الرباط فذلك الرباط)) وقد شرحناه ثمة. قلت: هذا في حق من فرض عليه المرابطة، وتعين بنصب الإمام علي ما سبق في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>