للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٣٢ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد، وعفيف متعفف، وعبد أحسن عبادة الله ونصح لمواليه)). رواه الترمذي. [٣٨٣٢]

٣٨٣٣ - وعن عبد الله بن حبشي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: ((طول القيام)). قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل)). قيل: فأي الهجرة

ــ

الحديث الثالث عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أول ثلاثة)) أضاف افعل إلي النكرة للاستغراق، وإن أول كل ثلاثة من الداخلين في الجنة هؤلاء الثلاثة. وأما تقديم أحد الثلاثة علي الآخرين، فليس في اللفظ إلا التنسيق عند علماء المعإني.

قوله: ((عفيف)) ((تو)): أي عفيف عما لا يحلن متعفف من السؤال. ((نه)): التعفف هو الكف عن الحرام والسؤال من الناس، أي من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله إياها. وقيل: الاستعفاف الصبر والنزاهة عن الشيء، يقال: عف يعف عفة فهو عفيف.

أقول علي ما ذهب إليه الشيخ التوربشتي: الصفة جيء بها تكميلا؛ لأن العفيف الذي تنزه عما لا يحل قد لا يكون متعففا عن السؤال، فاستدركه بقوله: ((متعففا)). وعلي ما ذهب إليه صاحب النهاية من باب التتميم؛ لأن المتعفف علي تفسيره مبالغة لمعنى عفيف و ((أحسن عبادة الله)) أي أخلص عبادته من قوله صلى الله عليه وسلم: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه)). ونصح العبد مواليه أن يقيم علي ما وجب عليه من الخدمة والأمانة والشفقة. وأطلق الشهادة وقيد العفة والعبادة؛ ليشعر بأن مطلق الشهادة أفضل منهما، فكيف إذا قرن بالإخلاص والنصيحة؟ والوجه أن الشهادة مستغنية عن التقيين؛ فإن من شروطها الإخلاص والنصيحة، والخصلتان مفتقرتان إليه فقيدهما وأطلقها وفيه دلالة علي فضلها وأنه أحرى بالتقديم، ودونها العفيف المتعفف إذا أريد بالعفيف الصابر المتنزه عما لا يليق به، والمتعفف تابع له علي سبيل المبالغة.

الحديث الرابع عشر عن عبد الله: قوله: ((أي الأعمال أفضل)) سبق بيان ذلك في أول الكتاب، ووجه الجميع بينه وبين ما يخالفه في الترتيب. ((وجهد المقل)) مجهوده؛ لأنه يكون بجهد ومشقة لقلة ماله. وإنما يجوز له الإنفاق إذا قدر علي الصبر، ولم يكن له عيال تضيع بإنفاقه.

ولا بد من قوله: ((من هجر ما حرم الله)((ومن جاهد المشركين)((ومن أهريق دمه)) من تقدير مضاف أي هجرة من هجر وجهاد من جاهد وقتل من أهريق، ولعل تغيير العبارة في قوله: ((فأي القتل أشرف))؟ إنما كان لاهتمام هذه الخصلة؛ لأن معنى الشرف هو القدر والقيمة والرفعة. وذلك أن منزلة درجة الشهيد الذي نال من درجات الشهادة أقصاها وغايتها، هو

<<  <  ج: ص:  >  >>