٣٨٣٧ - وعن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((ليس شيء أحب إلي الله من قطرتين، وأثرين: قطرة دموع من خشية الله، وقطرة دم يراق في سبيل الله. وأما الأثران: فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالي)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب. [٣٨٣٧]
٣٨٣٨ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تركب البحر إلا حاجا، أو معتمرا، أو غازيا في سبيل الله؛ فإن تحت البحر نارا، وتحت النار بحرا)). رواه أبو داود. [٣٨٣٨]
ــ
الحديث الثاني عشر عن أبي أمامة: قوله: ((قطرة دموع)) أي قطراتها، فلما أضيفت إلي الجمع أفردت؛ ثقة بفهم السامع مثل: كلوا في بعض بطنكم تعفوا. وإنما أفرد الدم وجمع الدمع تنبيها علي تفضيل إهراق الدم في سبيل الله علي تقاطر الدموع بكاء. قوله:(وأثر في فريضة)) ((قض)): الأثر بفتحتين ما بقي من الشيء دالا عليه. والمراد بالأثرين آثار خطي الماشي في سبيل الله، والساعي في فريضة من فرائضه أو ما يبقى علي المجاهدين من أثر الجراحات، وعلي الساعي المتعب في أداء الفرائض والقيام بها والكد فيها، من علامة ما أصابه فيها، كاحتراق الجبهة من حر الرمضاء التي يسجد عليها وانفطار الأقدام من برد الماء الذي يتوضأ به. والله أعلم.
الحديث التاسع عشر عن عبد الله رضي الله عنه: قوله: ((لا تركب البحر)) ((قض)): يريد أن العاقل لا ينبغي أن يلقي نفسه إلي المهالك ويوقعها مواقع الأخطار، إلا لأمر ديني يتقرب به إلي الله تعالي ويحسن بذل النفس فيه وإيثاره علي الحياة. وقوله:((فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا)) يريد به تهويل شأن البحر وتعظيم الخطر في ركوبه؛ فإن راكبه متعرض للآفات والمهالك المتراكمة بعضها فوق بعض، لا يؤمن من الهلاك عليه ولا يرجى خلاصه، فإن أخطأته ورطة منها جذبته أخرى بمخالبها، فكأن الغرق رديف الحرق، والحرق خليف الغرق. الكشاف في قوله تعالي:{والْبَحْرِ المَسْجُورِ}: قيل: الموقد من قوله تعالي: {وإذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ}. وعن علي رضي الله عنه أين موضع النار في كنانكم؟ قال: البحر، قال علي رضي الله عنه:((ما أراه إلا صادقة لقوله)): {والْبَحْرِ المَسْجُورِ}. والله أعلم.