للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٤١ - وعن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قفلة كغزوة)). رواه أبو داود. [٣٨٤١]

٣٨٤٢ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي)) رواه أبو داود. [٣٨٤٢]

ــ

وثإنيا: أراد به التعقيب وهو رجوعه ثإنيا في الوجه الذي جاء منه منصرفا، وإن لم يلق عدوا ولم يشهد قتالا، وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مغزاهم لأحد أمرين:

أحدهما: أن العدو إذا رآهم قد انصرفوا عنهم أمنوهم، وخرجوا من أمكنتهم. فإذا قفل الجيش إلي دار العدو، نالوا الفرصة منهم، فأغاروا عليهم. والآخر: أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم فيوقعوا بهم وهو غارون، فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرجوع علي أدراجهم، فإن كان للعدو طلب كانوا مستعدين للقائهم، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة. وثالثها: أن يكون صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم قفلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوهم من هو أكثر عددا منهم، فقفلوا ليستضيفوا إليهم عددا آخر من أصحابهم ثم يكروا علي عدوهم. ((تو)): والأول أقوم؛ لأن القفول إنما يستعمل في الرجوع عن الوجه الذي ذهب إليه لحاجة إلي حيث توجه منه.

أقول: التشبيه إنما يذهب إليه إما لإلحاق الناقص بالكامل أو لبيان المساواة. فالتنكير إما للتعظيم فيكون معناه رب قفلة تساوي غزوة لمصلحة ما، كما ذكر في الوجه الأول، بل يمكن أن تكون القفلة أرجخ من الغزوة إذا لم يكن في الغزو مصلحة للمسلمين، وفي القفلة مصلحة لهم كما ذكر في الوجه الثالث، ولا يبعد أن تستعار القفلة للكرة.

الحديث الثالث والعشرون عن عبد الله: قوله: ((أجره)) وأجر الغازي)) تقرر في علم البيان أن المعرفة إذا أعيدت كان الثاني عين الأول، فالمراد بالغازي الأول، هو الذي جعل له جعل، فمن شرط للغازي جعلا فله أجر بذل المال الذي جعله جعلا، وأجر غزاء المجعول له فإنه حصل بسببه كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء)).

((حس)): فيه ترغيب للجاعل ورخصة للمجعول له. واختلفوا في جواز أخذ الجعل علي الجهاد فرخص فيه الزهري ومالك وأصحاب أبي حنيفة، ولم يجوزه قوم. وقال الشافعي: لا يجوز أن يغزو بجعل، فإن أخذه فعليه رده. ((قض)): وعلي هذا فتأويل الحديث أن يحمل الجاعل علي المجهز للغازي والمعين له ببذل ما يحتاج إليه، ويتمكن به من الغزو من غير استئجار وشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>