للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٤٧ - وعن عبد الله بن عمرو، أنه قال: يا رسول الله! أخبرني عن الجهاد. فقال يا عبد الله بن عمرو! إن قاتلت صابرا محتسبا؛ بعثك الله صابرا محتسبا. وإن قاتلت مرائيا مكاثرا؛ بعثك الله مرائيا مكاثرا. يا عبد الله بن عمرو! علي أي حال قاتلت، أو قتلت؛ بعثل الله علي تلك الحال)) رواه أبو داود. [٣٨٤٧]

ــ

لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلَاّ بِإذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا} الآيتين فحذف التفريق لدلالة التقسيم عليه.

هذا معنى قول القاضي: فاقتصر الكلام واستغنى بذكر الغزاة عن ذكر القسمين.

وقوله: ((أطاع الإمام)) إلي آخره نتيجة الإخلاص وابتغاء وجه الله. وقوله: ((فخرا ورياء وسمعة)) مقابل لقوله: ((ابتغى وجه الله)) فيكون ما بعده نتيجة عنه.

الحديث السابع والعشرون عن عبد الله: فقوله: ((أخبرني عن الجهاد)) وهو مطلق يحتمل أنه سأل عن حقيقته وعن ثوابه وعن كونه مقبولا عند الله، أو غير مقبول. والجواب ينبئ أنه سأل عن الثالث. والتكاثر التباري في الكثرة والتباهي بها، وقد يكون هذا في الأنفس والأموال، قال تعالي: {وتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ والأَوْلادِ}. فالرجل يجاهد للغنيمة وإكثار المال ليباهي به؛ ولأن يكثر رجاله وأعوانه وأجناده ولإعلاء كلمة الله وإظهار دينه.

وأعاد ((صابرا محتسبا)) في الجزاء ليؤذن بالتكثير فيهما علي أنه له أجرا لا يقادر قدره، أي: بعثك الله صابرا كاملا فيه فيوقي أجرك بغير حساب. و ((محتسبا)) أي مخلصا متناهيا في إخلاصه راضيا مرضيا، ورضوان من الله أكبر، وفي عكسه قوله: ((بعثك الله مرائيا مكاثرا)) ولترقية المعنى فيه وضع المظهر، وهو قوله: ((الله) موضع الضمير، ونظيره قوله تعالي: {ومَن تَابَ وعَمِلَ صَالِحًا فَإنَّهُ يَتُوبُ إلي اللَّهِ مَتَابًا}.

((الكشاف)): من يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح؛ فإنه بذلك تائب إلي الله متابا مرضيا عنده مكفرا للخطايا محصلا للثواب، والي الله الذي يعرف حق التائبين ويفعل لهم ما يستوجبون. والذي يحب التوابين ويحب المتطهرين، فقوله: ((مرضيا عنده إلي قوله: محصلا للثواب)) هو معنى التنكير في ((متابا)) المعاد في الجزاء بعد الشرط، وقوله: ((الذي يعرف – إلي قوله – يحب التوابين)) هو معنى وقوع اسم الله الأعظم الجامع لجميع الصفات في هذا المقام)).

<<  <  ج: ص:  >  >>