للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٢٧ - وعنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلي كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلي عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلي كسرى

ــ

ومنها: أن السنة في المكاتبة بين الناس أن يبدأ بنفسه، فيقول: من زيد إلي عمرو. سواء فيه تصدير الكتاب به أو العنوان، قال تعالي: {إنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وإنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

وقيل: الصواب أن يكتب في العنوان إلي فلان ولا يكتب لفلان؛ لأنه إليه لا له.

ومنها: أن لا يفرط ولا يفرط في المدح والعظيم؛ ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((إلي هرقل عظيم الروم)) ولم يقل: ملك الروم؛ لأنه لا ملك له ولا لغيره بحكم دين الإسلام، ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أذن له، وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما فيها الضرورة. ولم يقل: ((إلي هرقل)) فحسب بل أتى بنوع من الملاطفة فقال: ((عظيم الروم)) أي الذي يعظمونه ويقدمونه، وقد أمر الله تعالي بالإنة القول لمن يدعى إلي الإسلام، فقال: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا}.

ومنها: استحباب استعمال البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم في غاية الإيجاز والبلاغة وجمع المعإني، مع ما فيه من بديع التجنيس فإن ((تسلم)) شامل لسلامته من خزي الدنيا بالحرب والسبي والقتل وأخذ الديار والأموال ومن عذاب الآخرة.

ومنها: أن من أدرك من أهل الكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به له من أجران.

ومنها: أن من كان سبب ضلال ومنع هداية كان أكثر إثماً، قال الله تعالي: {ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ}.

ومنها: استحباب ((أما بعد)) في الخطب والمكاتبات.

((شف)): تقديم لفظ العبد علي لفظ الرسول دال علي أن العبودية لله تعالي أقرب طرق العباد إليه، وكرر لفظ أسلم إيذاناً منه صلى الله عليه وسلم إياه علي شفقته بإيمانه. أقول: وفي هذا التقديم تعريض بالنصارى وقولهم في عيسى بالإلهية، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: {إني عَبْدُ اللَّهِ آتَإني الكِتَابَ وجَعَلَنِي نَبِيًا} وصدر هذا الحديث سيذكر في باب علامات النبوة في الفصل الثالث.

الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((أن يمزقوا)) ((تو)): أي يفرقوا كل نوع

<<  <  ج: ص:  >  >>