فلما قرأ مزقه. قال ابن المسيب: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق. رواه البخاري.
٣٩٢٨ - وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلي كسرى وإلي قيصر وإلي النجاشي وإلي كل جبار يدعوهم إلي الله، وليس بالنجاشي الذي صلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
٣٩٢٩ - وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً علي جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال:((اغزوا بسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلي
ــ
من التفريق، وأن يبددوا من كل وجه. والممزق مصدر كالتمزيق، والذي مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إبرويز بن هرمز بن نوشروان قتله ابنه شيرويه، ثم لم يلبث بعد قتله إلا ستة أشهر يقال: إن إبرويز لما أيقن بالهلاك – وكان مأخوذاً عليه – فتح خزانة الأدوية وكتب علي حقة السم ((الدواء النافع للجماع))، وكان ابنه مولعاً بذلك فاحتال في هلاكه. فلما قتل أباه فتح الخزانة فرأي الحقة فتناول منها فمات من ذلك السم. ويزعم الفرس أنه مات أسفاً علي قتله أباه ولم يقم لهم بعد الدعاء عليهم بالتمزيق أمر نافذ بل أدبر عنهم الإقبال، ومالت عنهم الدولة وأقبلت عليهم النحوسة حتى انقرضوا عن آخرهم. والفاء في ((فدفعه)) معطوف علي مقدرات معدودة، أي فذهب إلي عظيم البحرين فدفعه إليه، ثم بعثه العظيم إلي كسرى فدفعه إليه.
الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((وإلي كل جبار)) أتى به اختصاراً أي كسرى وأمثاله. ((مح)): كسرى لقب كل ملك من الفرس، وقيصر من ملك الروم، والنجاشي الحبشة، وخاقان الترك، وفرعون القبط، والعزيز مصر، وتبع حمير.
الحديث الرابع عن سليمان رضي الله عنه: قوله: ((في خاصته)) متعلق ((بتقوى الله)) وهو ((بأوصي)) و ((خيراًً)) نصب علي نزع الخافض، [و ((من)) في محل الجر] وهو من باب العطف علي عاملين مختلفين، كأنه قيل: أوصى بتقوى الله في خاصة نفسه وأوصى بخير فيمن معه من المسلمين. وفي اختصاص التقوى بخاصة نفسه، والخير بمن معه من المسلمين إشارة إلي أن عليه أن يشدد علي نفسه فيما يأتي ويذر. وأن يسهل علي من معه من المسلمين، ويرفق بهم كما ورد:((يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا)).