للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠١١ - وعن يزيد بن خالد: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((صلوا علي صاحبكم)) فتغيرت وجوه الناس لذلك. فقال: ((إن صاحبكم غل في سبيل الله)) ففتشنا متاعة فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين. رواه مالك، وأبو داود، والنسائي. [٤٠١١]

٤٠١٢ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة، أمر بلالا فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل يوما بعد ذلك بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله! هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة. قال: ((أسمعت بلالا نادى ثلاثا؟) قال: نعم قال: ((فما منعك أن تجيء به؟)) فاعتذر. قال: ((كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله عنك)). رواه أبو داود. [٤٠١٢]

ــ

قوليه: من حضر بعد انقضاء القتال وقبل حيازة الغنيمة شارك فيها الغانمين، ومن لم ير ذلك حمله إلي أنه أسهم لهم بعد استئذان أهل الحديبية ورضاهم.

أقول: هذا التأويل أظهر مما ذهب إليه من أنه إنما أعطاهم صلى الله عليه وسلم من الخمس الذي هو حقه دون حقوق من شهد الواقعة؛ لأن قوله: ((فأسهم)) يقتضي القسمة من نفس الغنيمة، وما يعطى من الخمس ليس بسهم، وأيضا الاستثناء في قوله: ((إلا أصحاب سفينتنا)) يقتضي إثبات القسمة لهم. والقسمة لا تكون من الخمس؛ ولأن سياق كلام أبي موسى وارد علي الافتخار والمباهاة. فيستدعي اختصاصهم بما ليس لأحد غيرهم. والرضخ * والخمس مشترك فيه اليتامى والمساكين وغيرهما فلا مزية لهم فيه. وإذا تقرر هذا ظهر أن قسمة خيبر زادت علي ثمإنية عشر سهما. وهذا وهم آخر في حديث مجمع عليه؛ فلا ينهض دليلا علي أن للفارس سهمان. والله أعلم.

الحديث الحادي عشر والثاني عشر عن عبد الله: قوله: ((فيجيئون)) حكاية حال ماضية استحضارا لتلك الحالة. وهي امتثالهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بإحضار الغنائم لم يمكثوا ولم يلبثوا. ولما مكث الرجل وتخلف عنهم عاد إلي مقتضى الظاهر، وقال: فجاء رجل يوما بعد ذلك. ((مظ)): إنما لم يقبل ذلك منه؛ لأن لجميع الغانمين فيه شركة وقد تفرقوا، وتعذر إيصال نصيب كل واحد منهم إليه، فتركه في يده؛ ليكون إثمه عليه لأنه هو الغاصب.

قوله: ((كن أنت تجيء)) فيه أنواع من التأكيد وهي تأكيد الضمير المستتر، وبناء الخبر عليه علي سبيل التقوى وتخصيص الكينونة. والأنسب أن يكون ((أنت)) مبتدأ ((وتجيء)) خبره، والجملة خبر كان، فقدم الفاعل المعنوي للتخصيص، أي أنت تجيء به لا غيرك.

((غب)): وقد تستعمل ((كان)) في جنس الشيء متعلقا بوصف له هو موجود فيه، فبينه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>