وأبو داود والنسائي لكن في روايتهما ((رهينة)) بدل ((مرتهن)). وفي رواية لأحمد وأبي داود:((ويدمي)) مكان: ((ويسمي)). وقال أبو داود:((ويسمي)) أصح. [٤١٥٣]
ــ
لزومها له وعدم انفكاكه منه بالرهن في يد المرتهن. والهاء في الرهينة للمبالغة لا للتأنيث كالشتيمة والشتم. ((حس)): قد تكلم الناس فيه، وأجودها ما قاله أحمد بن حنبل: معناه: إذا مات طفلا ولم يعق عنه لم يشفع في والديه، وروى عن قتادة: أنه يحرم شفاعتهم.
((تو)): ولا أدري بأي سبب تمسك، ولفظ الحديث لا يساعد المعنى الذي أتى به، بل بينهما من المباينة ما لا يخفي إلى عموم الناس فضلا عن خصوصهم. والمعنى إنما يؤخذ عن اللفظ، وعند اشتراك اللفظ عن القرينة التي يستدل بها عليه، والحديث إذا استبهم معناه فأقرب السبب إلى إيضاحه استيفاء طرقه؛ فإنها قلما تخلو عن زيادة أو نقصان أو إشارة بالألفاظ المختلف فيها رواية، فيستكشف بها ما أبهم منه.
وفي بعض طرق الحديث:((كلا غلام رهينة بعقيقته)) أي مرهون، والمعنى أنه كالشيء المرهون لا يتم الانتفاع والاستمتاع به دون فكه. والنعمة إنما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر، ووظيفة الشكر في هذه النعمة ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يعق عن المولود شكرا لله تعالى وطلبا لسلامة المولود. ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشؤه على النعت المحبوب رهينة بالعقيقة، هذا هو المعنى، اللهم إلا أن يكون التفسير الذي سبق ذكره متلقى من قبل الصحابي، ويكون الصحابي قد اطلع على ذلك من مفهوم الخطاب أو قضية الحال، ويكون التقدير شفاعة الغلام لأبويه مرتهن بعقيقته.
أقول: ولا ريب أن الإمام أحمد ما ذهب إلى هذا القول إلا بعد ما تلقى من الصحابة والتابعين، على أنه إمام من أئمة الكتاب، يجب أن يتلقى كلامه بالقبول ويحسن الظن به، فقوله: لا يتم الانتفاع والاستمتاع به دون فكه، يقتضي عمومه في الأمور الأخروية والدنيوية. ونظر الألباء مقصور على الأول. وأولى الانتفاع بالأولاد في الآخرة شفاعة الوالدين. ألا ترى إلى قوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.
وقوله:{آبَاؤُكُمْ وأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} قدم الوصية على الدين، والدين مقدم إخراجه على الوصية، وعلله بقوله:{آبَاؤُكُمْ وأَبْنَاؤُكُمْ} إشارة إلى أن الوصية وإنفاذها أنفع مما ترك لكم ولم يوص به، الكشاف: أي لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الذين يموتون أم من أوصى منهم أم من لم يوص، يعني أن من أوصى ببعض ماله وعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيته، فهو أقرب لكم نفعا وأحضر جدوى، ممن ترك