سبيل منها شيطان يدعو إليه)) , وقرأ: {وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} الآية)). رواه أحمد والنسائي, والدارمي. [١٦٦].
١٦٧ - وعن عبد الله بن عمرو, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم
ــ
وإلى هذا الصراط لمح رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بقوله: ((ما أنا عليه وأصحابي)) وفي حديث معاوية: بقوله ((وهي الجماعة)) وتلك الخطوط التي خطت على اليمين والشمال مشار بها إلى مذاهب أهل الأهواء والبدع الذين تفرقوا على ثنتسن وسبعين ملة.
فإن قلت: ما وثوقك على أنك على الصراط المستقيم؟ فإن كل واحد من الفرق يدعي أنه عليها دون غيره؟ قلت: ليس ذلك بالادعاء والتثبيت باستعمال الوهم القاصر, والقول الزاعم, بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وعلماء أهل الحديث الذين جمعوا صحاح الحديث في أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأحواله وأفعاله, وحركاته وسكناته, وكذا أحوال الصحابة من المهاجرين والأنصار, والذين اتبعوهم بإحسان, مثل جامع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري, ومسلم بن حجاج, وغيرهما من الثقات المشهورين الذين اتفق أهل الشرق والغرب على صحة ما أوردوه في كتبهم من أمور االنبي وأصحابه, ومن تكفل باستنباط معانيها, وكشف مشكلاتها, كالإمام أبي سليمان الخطابي, والإمام محيي السنة أبي محمد البغوي والإمام محيي الدين النووي جزاهم الله عن المسلمين خيرا وجعل سعيهم في الدين مشكورا ثم بعد النقل ينظر من ذا الذي تمسك بهديهم, واقتفى أثرهم, واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع, فنحكم من الذين هم هم. والله أعلم بالصواب.
الحديث السابع عن عبد الله بن عمرو: قوله: ((لا يؤمن أحدكم)) ((تو)): الحديث محمول على نفى الكمال اتساعا, كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن جاره بوائقه)) فهو لوجهين: من غير كلفة وكراهية. وذلك حين يذهب عنه كدر النفس, وتبقى صفوتها, فتحلى بالصفات النورانية, وتؤيد بالتقوى الروحانية, وهذه حالة نادرة لا توجد إلا في المحفوظين من أولياء الله – ومن الله المعونة في تيسير كل عسير. ثانيهما أنه يعتقد مخالفة هواه, فإنه إذا اعتقد ذلك وعرفه بالفرضية على نفسه فقد جعل هواه تبعا للشرع وإن يستقيم في المعاملة به.
((مظ)) يجوز أن يحمل هذا على نفي أصل الإيمان, أي يكون تابعا مقتديا لما جئت به من الشرع من الاعتقاد, لا عن الإكراه وخوف السيف مثل المنافقين. وأقول: إنما قيل: ((هواه تبعا)) ولم