للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياك والحلوب)) فذبح لهم، فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ((والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم)). رواه مسلم.

وذكر حديث أبي مسعود: كان رجل من الأنصار في ((باب الوليمة)).

ــ

قوله: ((يستعذب لنا)) أي يأتينا بماء عذب طيب، و ((من)) إما بيانية أو تبعيضية. وقوله: ((إذ جاء الأنصاري)) أي هم في ذلك إذ جاء الأنصاري. ((مح)): في قوله: ((الحمد لله)) استحباب الشكر عند هجوم بغية أو اندفاع نقمة. وفيه استحباب إظهار البشر والفرح بالضيف في وجهه. والعذق هنا بكسر العين الكباسة وهي الغصن من النخل. وفيه استحباب تقديم الفاكهة على الطعام، والمبادرة إلى الضيف بما تيسر، وإكرامه بعده بما يصنع له من الطعام. وقد كره جماعة من السلف التكلف للضيف، وهو محمول على ما يشق على صاحب البيت مشقة ظاهرة؛ لأن ذلك يمنعه من الإخلاص وكمال السرور بالضيف. وأما فعل الأنصاري وذبحه الشاة فليس مما يشق عليه، بل لو ذبح أغناما كان مسرورا بذلك مغبوطا فيه. و ((الحلوب)) ذات اللبن مفعول بمعنى مفعولة.

وفي قوله: ((فما أن شبعوا)) دليل على جواز الشبع، وما جاء في كراهته فمحمول على المداومة عليه؛ لأنه يقسي القلب وينسي أمر المحتاجين. قوله: ((أخرجكم من بيوتكم)) إلى آخره جملة مستأنفة بيان لموجب السؤال عن النعيم، يعني حيث كنتم محتاجين إلى الطعام مضطرين إليه، فنلتم غاية مطلوبكم من الشبع والري، يجب أن تسألوا ويقال لكم: هل أديتم شكرها أم لا إله إلا الله.

((مح)): قال القاضي المراد السؤال عن القيام بحق شكره، والذي نعتقده أن السؤال هنا سؤال تعداد النعم وإعلام بالامتنان بها وإظهار الكرامة وإشاعتها، لا سؤال تقريع وتوبيخ ومحاسبة.

أقول: ويدل على أنه سؤال توبيخ وتقريع الحديث الأول من الفصل الثالث حيث قال: ((فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر)) إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>