٤٢٧٤ - وعن سهل بن سعد، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح، فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره. فقال:((يا غلام! أتاذن أن أعطيه الأشياخ؟)) فقال: ما كنت لأوثر بفضل منك أحداً يا رسول الله! فأعطاه إياه. متفق عليه.
وحديث أبي قتادة [سنذكره] في ((باب المعجزات)) إن شاء الله تعالى.
ــ
يمينه)) أي جلس متجافيا عن صاحب اليمين، ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره كما في ذكرنا في ((تعال)).
قوله:((الأيمن فالأيمن)) ((مح)): ضبطه بالنصب والرفع وهما صحيحان، النصب على تقدير ((أعطى الأيمن)) والرفع على تقدير ((الأيمن أحق)) أو نحو ذلك. وفي رواية أخرى:((الأيمنون)) وهو يرجح الرفع.
وفيه استحباب التيامن في كل ما كان من أنواع الإكرام، وأن الأيمن في الشراب ونحوه يقدم، وإن كان صغيراً ومفضولاً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الأعرابي والغلام. وأما تقديم الأفاضل والكبار فهو عند التساوي في باقي الأوصاف؛ ولهذا يقدم الأعلم الأقرأ على الأسن النسيب في الإمامة في الصلاة. وقيل: إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام وهو ابن عباس؛ وتطييباً لنفسه بالاستئذان نفسه، لاسيما والأشياخ أقاربه، ومنهم خالد بن الوليد.
وفي بعض الروايات ((عمك وابن عمك)) وفعل ذلك أيضاً استئناساً لقلوب الأشياخ وإعلاما بودهم وإيثار كرامتهم. وإنما لم يستأذن الأعرابي مخافة إيحاشه وتأليفاً لقلبه لقرب عهده بالجاهلية وعدم تمكنه من معرفة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. واتفقوا أنه لا يؤثر في القرب الدينية والطاعات، وإنما الإيثار ما كان في حظوظ النفوس، فيكره أن يؤثر غيره موضعه من الصف الأول مثلا.
وفيه أن من سبق إلى موضع مباح أو من مجلس العالم والكبير فهو أحق به ممن يجيء بعده. وأما قول عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((أعط أبا بكر)) فإنما قاله للتذكير بأبي بكر؛ مخافة من نسيانه وإعلاماً لذلك الأعرابي الذي على اليمين بجلالة أبي بكر رضي الله عنه. انتهى كلامه.
وقوله:((أصغر القوم)) خبر مبتدأ محذوف، والجملة صفة ((غلام)) واللام في ((لأوثر)) لتأكيد النفي، أي لا ينبغي لي ولا يستقيم مني أن أوثر فضلك هذا، وإنما نكره تعظيماً أو تقليلاً ليعم.