٤٥٢٥ - وعن عائشة، ورافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((الحمى من
ــ
زعموا أنه الصواب، وأن العلاق لا يجوز. قالوا: الإعلاق مصدر أعلقت عنه، ومعناه أزلت عنه العلوق وهي الآفة والداهية. قال ابن الأثير: يجوز أن يكون العلاق هو الاسم منه.
أقول: وتوجيهه أن في الكلام معنى الإنكار أي على أي شيء تعالجن هذا الداء، بهذا الداهية والمداواة الشنيعة.
وقوله: ((منها ذات الجنب)) أي من الأشفية شفاء ذات الجنب، أو التقدير فيه سبعة أشفية من سبعة أدواء منها ذات الجنب، وخصه بالذكر؛ لأنه أصعب الأدواء، وقلما يسلم منه من ابتلى به، و ((يسعط)) ابتداء كلام مبين لكيفية التداوي به في الدائين المذكورين.
((مح)): قد اعترض عليه من في قلبه مرض فقال: الأطباء مجمعون على أن مداوة ذات الجنب بالقسط مع ما فيه من الحرارة الشديد خطر. قال المازري: هذا القول جهالة بينة، وهو كما قال تعالى {} وقد ذكر جالينوس وغيره أن القسط ينفع من وجع الصدر. وقال بعض القدماء من الأطباء: يستعمل حيث يحتاج إلى أن يجذب الخلط من باطن البدن إلى ظاهره، وهذا يبطل ما زعم المعترض الملحد.
وأما قوله:((ففيه سبعة أشفية)) فقد أطلق الأطباء في كتبهم على أنه يدر الطمث والبول، وينفع من السموم، ويحرك شهوة الجماع، ويقتل الدود، وحب القرع في الأمعاء إذا شرب بعسل، ويذهب الكلف إذا طلى عليه، وينفع من برد المعدة والكبد، ومن حمى الورد والربع وغير ذلك. وهو صنفان: بحري وهندي، والبحري هو القسط الأبيض، والبحري أفضل من الهندي وأقل حرارة منه، وإنما عددنا منافعه من كتب الأطباء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر منها عدداً مجملاً، تم كلامه. وذلك لأن السبعة تطلق ويراد بها الكثرة.
الحديث الثاني عشر عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((من فيح جهنم)) الفيح سطوع الحر وفورانه. وفيه وجهان:
أحدهما: أنه تشبيه. قال المظهر: شبه اشتعال حرارة الطبيعة في كونها مذيبة للبدن ومعذبة له بنار جهنم، فكما أن النار تزال بالماء كذلك حرارة الحمى تزال بالماء البارد.
وثانيهما: قال بعضهم: إن الحمى مأخوذة من حرارة جهنم حقيقة: أرسلت إلى الدنيا نذيراً للجاحدين وبشيراً للمقربين؛ لأنها كفارة لذنوبهم وجابرة عن تقصيرهم.
أقول:((من)) ليست بيانية حتى يكون تشبيهاً كقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ