٤٥٥٥ - وعن المغيرة بن شعبة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من اكتوى أو استرقي، فقد برئ من التوكل)). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. [٤٥٥٥]
ــ
موصولة، والراجع محذوف، والموصول مع الصلة مفعول ((أبالي)) و ((إن شربت)) جزاؤه محذوف، يدل عليه ما تقدم. والمعنى إن صدر مني أحد الأشياء الثلاثة كنت ممن لا يبالي بما يفعل ولا ينزجر عما لا يجوز فعله شرعاً.
((شف)): الترياق ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين، وهو معرب ويقال بالدال أيضاً. وروى به في هذا الحديث. وكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي والخمر، وهي حرام نجسة. والترياق أنواع، فإذ لم يكن فيه شيء من ذلك فلا بأس به. وقيل: الحديث مطلق والأولى اجتنابه.
((تو)): المراد من التميمة ما كان من تمائم الجاهلية ورقاها؛ فإن القسم الذي يختص بأسماء الله تعالى وكلماته غير داخل في جملته، بل هو مستحب مرجو البركة عرف ذلك من أصل السنة.
أقول: لعل القصد في إيراد الحديث اختصاصه صلى الله عليه وسلم ومن يتبعه من الخواص بالاجتناب عما يقدح في التوكل كما يشهد له حديث المغيرة؛ فإن قوله:((وإن أنا شربت)) وإن كل بحسب النحو فاعل فعل مضمر، لكن في عرف أهل المعاني صورته صورة التقديم للفاعل على عامله المفيد للاختصاص. الشكاف في قوله تعالى {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي}: تقديره لو تملكون، أضمر تملك إضمارا على شريطة التفسير، وهذا هو الوجه الذي يقتضه علم الإعراب، فأما ما يقتضيه علم البيان فهو ((إن أنتم تملكون)) فيه دلالة على الاختصاص، وأن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ.
وفائدة التنكير في (تميمة وترياق) الشيوع، والتعريف في الشعر حقيقته، وما هو قاصد في تقوله؛ ولذلك أتبعه بقوله:((من قبل نفسي)) كقوله تعالى: {ومَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ ومَا يَنْبَغِي لَهُ} مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنا النبي لا كذب)) ونحوه؛ فإن ذلك ليس عن قصد منه ولا التفاوت منه إليه إن جاء موزوناً، بل كان كلاماً من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة فيه ولا تكلف.
الحديث الرابع والعشرون عن المغيرة: قوله: ((من اكتوى)) ((نه)): قد جاء في أحاديث كثيرة