للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا يعلم. رواه البخاري تعليقا – وفي رواية رزين: - ((تكلف ما لا يعنيه وما لا علم له به، وما عجز عن علمه الأنبياء والملائكة)).

ــ

واعلم أن الشيخ أبا القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري رحمه الله تعالى عقد بابا في كتابه المسمى بـ ((مفاتيح الحجج)) في إبطال مذهب المنجمين، وأطنب فيه وذكر أقوالهم وقال: وأقربها قول من قال: هذه الحوادث يحدثها الله تعالى ابتداء بقدرته واختياره، ولكن أجرى العادة بأنه إنما يخلقها عند كون هذه الكواكب في البروج المخصوصة، ويختلف باختلاف سيرها واتصالاتها ومطارح أشعتها على جهة العادة من الله تعالى، كما أجرى العادة بخلق الولد عقيب الوطء، وخلق الشبع عقيب الطعام. ثم قال: هذا في القدرة جائز لكن ليس عليه دليل ولا إلى القطع سبيل؛ لأن ما كان على جهة العادة يجب أن يكون الطريق فيه مستمرا، وأقل ما فيه أن يحصل التكرار، وعندهم لا يحصل وقت في العالم مكرر على وجه واحد؛ لأنه إذا كان في سنة الشمس مثلا في درجة من برج، فإذا عادت إليها في السنة الأخرى، فالكواكب لا يتفق كونها في بروجها، كما كانت في السنة الماضية، والأحكام تختلف بالقرائن والمقابلات، ونظر الكواكب بعضها إلى بعض، فلا يحصل شيء من ذلك مكررا.

واتفقوا على أنه لا سبيل إلى الوقوف على الأحكام، ولا يجوز القطع على البت لتعذر الإحاطة بها على التفصيل. ومما يدل على أنه لا حجة في قولهم، أنهم اختلفوا فيما بينهم في حكم [الريح] فلأهل هنذ وسند طريق يخالف طريق أرباب [الريح] الممتحن.

وفصل الشيخ في الاختلافات بينهم تفصيلا ثم قال: ومما يدل على فساد قولهم أن يقال أخبرونا عن مولودين ولدا في وقت واحد، أليس يجب تساويهما في كل وجه لا تميز بينهما في الصورة والقدر والمنظر، حتى لا يصيب أحدهما نكبة إلا أصاب الآخر، وحتى لا يفعل هذه شيئا إلا والآخر يفعل مثله، وليس في العالم اثنان هذا صفتهما. قالوا: من المحال أن يوجد مولودان في العالم في وقت واحد، ولا بد أن يتقدم أحدهما على الآخر فيقال: أمحال ذلك في العقل والتقدير أم في الوجود؟. فإن قالوا بالأول بان فساد قولهم: وإن قالوا بالثاني قيل: وما يؤمنكم منه.

فإن قالوا: ليس أمر الكسوفين يصدق؟. قلنا: ليس أمر الكسوفين من الأحكام، وإنما هو من طريق الحساب وذلك غير منكر، ويجوز أن يكون أمر سر الكواكب على ما قالوه. وقد ورد في الشريعة في أمر الكسوفين بأنه آية من آيات الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>