١٩٠ - وعن ابن عباس، قال: من تعلم كتاب الله ثم اتبع ما فيه؛ هداه الله من الضلالة في الدنيا، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب.
وفي رواية، قال: من اقتدى بكتاب الله لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا هذه الآية:{فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى} رواه رزين.
١٩١ - وعن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ضرب الله مثلا صراطاً مستقيماً، وعن جنبتي الصراط سوران، فيهما أبوب مفتحة، وعلى الأبواب ستور
ــ
نقيض الشيء معاونة لدفع ذلك الشيء. وكان من حق الظاهر أن يقال: من وقر المبتدع فقد استخف بالسنة. فوضع موضعه: ((فقد أعان على هدم الإسلام)) ليؤذن بأن مستخف السنة مستخف للإسلام، ومستخفه هادم لبنيانه، وهو من باب التغليظ، فإذا كان حال الموقر هذا فما بال حال المبتدع؟ وفيه أن من وقر صاحب سنة كان الحكم بخلافه.
الحديث السابع عن ابن عباس: قوله: ((هداه الله)) ضمن ((هدى)) معنى أمن، فعداه بمن إلى المفعول الثاني، أي أمنه الله من ارتكاب المعاصي، والانحراف من الطريق المستقيم. ((ووقاه سوء الحساب)) عبارة عن كونه من أصحاب اليمين، فكما أنه أمن في الدنيا من الضلال كذلك يأمن في الآخرة من العذاب، وفيه أن سعادة الدارين منوطة بمتابعة كتاب الله، والاعتصام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثامن عن ابن مسعود: قوله: ((صراط مستقيماً)) بدل من ((مثلا)) لا على إهدار المبدل، فقولك: زيد رأيت غلامه رجلا صالحاً، إذ لو أسقطت غلامه لم يتبين. و ((سوران)) مبتدأ، و ((عن جنبتي)) خبره، والجملة حال من ((صراطاً)) و ((فيهما أبواب)) الجملة صفة لسوران، و ((على الأبواب)) الجملة حال من ضمير البواب في ((مفتحة لي)) ووضع الظاهر موضع الضمير الراجع إلى صاحبها. و ((عند رأس)) الجملة معطوفة على ((وعن جنبتي الصراط)) و ((يقول)) صفة ((داع))، و ((لا تعوجوا)) عطف على ((استقيموا)) على الطرد والعكس؛ لأن مفهوم كل منهما مقرر لمنطوق الآخر، وبالعكس، ((وفوق ذلك)) عطف على ((رأس الصراط))، والمشار إليه بـ ((ذلك)) الصراط، و ((كلما)) ظرف يستدعي الجواب، وهو قوله:((قال))، ((شيئاً)) أي قدراً يسيراً منها، و ((ويحك)) زجر له من تلك الهمة، وهي كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها. و ((تلجة)) أي تدخل الباب، وتقع في محارم الله تعالى. هذا يدل على أن قوله:((أبوبا مفتحة)) أي مردودة غير مغلقة. ((ثم فسره)) أي أراد أن يفسر فأخبر، نظيره قوله صلى الله عليه وسلم:((أل إن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) فالسور بمنزلة الحمى، وحولها بمنزلة الباب والستر، فحينئذ لا يقصر ضرب المثل بالباب والسور فقط، فلذلك لم يأت بضمير الفصل بين تينك الجملتين، كما أتى به في الجمل الثلاث. و ((مرخاة)) أي مدلاة ومسدلة،