فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل منها. فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت. قالا: نعم؛ أما الرجل الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلق الآفاق فيصنع به ما ترى إلى يوم القيامة. والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه بالنهار، يفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة. والذي رأيته في الثقب فهم الزناة.
والذي رأيته في النهر آكل الربا. والشيخ الذي رأيته في أصل الشجرة إبراهيم.
والصبيان حوله فأولاد الناس. والذي يوقد النار مالك خازن النار. والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين. وأما هذه الدار فدار الشهداء. وأنا جبريل وهذا ميكائيل، فارفع راسك فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب- وفي رواية-: مثل الربابة البيضاء. قالا: ذلك منزلك. قالت: دعاني أدخل منزلي. قالا: إنه بقى لك عمر لم تستكمله فلو استكملته أتيت منزلك)). رواه البخاري
وذكر حديث عبد الله بن عمر في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في ((باب حرم المدينة)).
ــ
صلاتهم ساهون} أي ساهون سهو ترك لها وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين والفسقة. فمعنى ((نام عنه بالليل)) أنه لم يتلوه بالليل ولم يتفكر فيما يجب أن يأتي به ويذر، من الأوامر والنواهي مثل المنافقين والفسقة، فإذا كان حاله بالليل هذا فلا يقوم به فيعمل بالنهار بما فيه. ويؤيد هذا التأويل ما جاء في رواية أخرى للبخاري: أما الرجل الذي يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل الذي يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة. وأما من نام من غير أن يتجافي عنه لتقصير أو عجز فهو خارج من هذا الوعيد.
((مح)): فيه تنبيه على استحباب استقبال الإمام بعد سلامه على أصحابه، وعلى استحباب السؤال عن الرؤيا، وعلى مبادرة المعبر إلى تأويلها أول النهار، قبل أن يتشعب ذهنه بأشغاله في معاشه في الدنيا؛ ولأن عهد الرائي قريب ولم يطرأ عليه ما يشوشها؛ ولأنه قد يكون فيها ما يستحب تعجيله، كالحث على خير والحذير عن معصية. وفيه إباحة الكلام في العلم أو تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، وأن استدبار القبلة في جلوسه للعلم أو عيره جائز.