٤٦٢٢ - عن أبي رزين العقيلي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وهي على رجل طائر مالم يحدث بها، فإذا حدث بها وقعت)). وأحسبه قال:((لا تحدث إلا حبيبا أو لبيبا)). رواه الترمذي. وفي رواية أبي داود، قال:((الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت)). وأحسبه قال:((ولا تقصها إلا على واد أو ذي رأي)). [٤٦٢٢]
٤٦٢٣ - وعن عائشة رضي الله عنها، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ورقة.
فقالت له خديجة: إنه كان قد صدقك؛ ولكن مات قبل أن تظهر. فقال رسول الله
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي رزين: قوله: ((على رجل طائر)) ((نه)): كل ذي حركة من كلمة أو جار [مجراها] فهو طائر مجازاً، أراد على رجل قدر جار وقضاء ماض من خير أو شر. ومعناه: لا يستقر تأويلها حتى تعبر، يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت، كما أن الطير لا يستقر في أكثر أحواله فكيف ما يكون على رجله.
أقول: التركيب من باب التشبيه التمثيلي، شبه الرؤيا بالطائر السريع طريانه، وقد علق على رجله شيء يسقط بأندى حركة، فينبغي أن يتوهم للمشبه حالات متعددة مناسبة لهذه الحالات.
وهي أن الرؤيا مستقرة على ما يسوقه التقدير إليه من التعبير. فإذا كانت في حكم الواقع قبض وألهم من يتكلم بتأويلها على ما قدره فيقع سريعاً. وإن لم يكن في حكمه، لم يقدر لها من يعبرها. قوله:((إلا على واد)) ((مح)): يشبه أن يراد به أنه إذا أخبر بها من لا يحبه، ربما حمله البغض والحسد على [تعبيرها] بمكروه، فيقع على تلك الصفة؛ فإن الرؤيا على رجل طائر.
ومعناه أنها إذا كانت محتملة وجهين [فعبرت] بأحدهما، وقعت على وفق تلك الصفة. وقد يكون ظاهر الرؤيا مكروهاً [ويعبر] بمحبوب وعكسه، وهذا أمر معروف لأهله.
قوله:((أو ذي رأي)) قال الزجاج: معناه ذو العلم بعبارة الرؤيا، فإنه يخبرك بحقيقة [تفسيرها] أو بأقرب ما يعلم منه. ((تو)): فإن قيل: كيف له التخيير فيمن يعبر على ما ورد به الحديث: ((ولا يقصها إلى على واد أو ذي رأي))، والأقضية لا ترد بالتوقي عن الأسباب، ولا تختلف أحكامها باختلاف الدواعي؟ قلنا: هو مثل السعادة والشقاوة والسلامة والآفة المقضي بكل واحدة منها لصاحبها، ومع ذلك فقد أمر العبد بالتعرض للمحمود منها، والحذر عن المكروه منها.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ولكن مات)) فإن قلت: ما معنى