هؤلاء؟)) قال:((قالا لي: انطلق، فانطلقنا، فانتيهنا إلى روضة عظيمة، لم أر روضة قط أعظم منها، ولا أحسن)). قال:((قالا لي: ارق فيها)). قال:((فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب، ولبن فضة، فأتينا باب المدينة، فاستفتحنا، ففتح لنا، فدخلناها، فتلقانا فيها رجال، شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر منهم كأقبح ما أنت راء)). قال:((قالا لهم: اذهبوا، فقعوا في ذلك النهر)). قال:((وإذا نهر معترض يجرى كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا، فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة)). وذكر في تفسير هذه الزيادة:((وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم. وأما الولدان الذين حوله فكل
ــ
الظاهر أن يقال: من هذا؟، فكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأي حاله من الطول المفرط، كأنه خفي عليه أنه من أي جنس هو، أبشر أم ملك أم جنى أم غير ذلك؟ نظيره الحديث: ((زوجي أبو زرع، وما أبو زرع، أناس من حلى أذني، وملأ من شحم عضدي)) جعلته لانقطاع قرينه، وعدد نظيره كأنه شيء خفي عنها.
وقوله:((شطر)) مبتدأ ((وكأحسن)) خبره والكاف زائدة، والجملة صفة ((رجال)). يحتمل أن يكون بعضهم موصوفين بأن خلصتهم حسنة وبعضهم قبيحة. وأن يكون كل واحد منهم بعضه حسن وبعضه قبيح. والثاني هو المراد هاهنا بدليل قوله في التفصيل:((فإنهم قوم خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً)) أي خلط كل واحد عملاً صالحاً بسيء؛ وسيئاً بصالح.
وقوله:((فقعوا)) أمر من وقع يقع.
قوله:((كأن [ماءه] المحض)) أي اللبن الخالص. والمحض من كل شيء الخالص منه وهو اللبن الخالص، كأنه سمى بالصفة ثم استعمل في الصفاء. ويمكن أن يراد بالماء عفو الله تعالى عنهم أو التوبة منهم، كما ورد:((اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد)).
وقوله:((وأولاد المشركين)) أي أو منهم أولاد المشركين؟ يعنى أولاد المشركين الذين ماتوا على الفطرة داخلون في زمرة هؤلاء الولدان؟ فأجاب: وأولاد المشركين: وفيه أن حكم أولاد المشركين الذين غيرت فطرتهم بالتهود أو التمجس خلاف هذا. فالأحاديث الدالة على أن أولاد المشركين في النار، مؤول بمن غيرت فطرتهم جمعا بين الدليلين ورفعاً للتناقض.
((خط)): وقول القائل: يا رسول الله وأولاد المشركين. فإن ظاهر هذا الكلام أنه ألحقهم